آخر ماأضافته دمنهور وشبابها ومحافظها هو صالون دمنهور الثقافي " الذي يهدف إلي بث قيم الاستنارة والتقدم في نفوس أبناء المحافظة من خلال عدة فعاليات ثقافية وفنية وفكرية . تقدم عدد من مثقفي المدينة منهم عمرو الشيخ وبهجت صميدة وسعيد عبدالمقصود باقتراح فكرة الصالون إلي المحافظ فوافق علي الفور وقرر دعمه وشارك في وضع أهدافه وبرامجه مع مجموعة من المثقفين في المدينة. اختار الصالون أن يستهل فعالياته بليلة ثقافية للاحتفاء بالروائي الكبير محمد جبريل لعدة أسباب . منها أن جبريل تعود جذوره إلي مدينة أبو حمص بمحافظة البحيرة. فضلاً عن مكانته الروائية الكبيرة وإسهاماته المتعددة في السرد والصحافة . وكذلك دوره التاريخي في اكتشاف وتقديم المئات من الأدباء عبر ندوة المساء التي بدأ في إقامتها منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي. لذلك جاء الاستهلال علي أفضل مايكون. وعلي المسرح الروماني بمكتبة دمنهور العامة احتشد عشرات المبدعين والنقاد من محبي محمد جبريل وتلامذته. ليقدموا شهادات حول إبداعه الروائي والقصصي وحول دوره كمكتشف للمواهب ومقدم لها. وكذلك أدوراه الإنسانية العديدة التي لعبها ومازال. الصالون بدأ بكلمة لمحافظ البحيرة د. محمد سلطان أكد فيها أن دور المحافظ لايجب أن يقتصر علي رصف الطرق والاهتمام بالصرف الصحي والإسكان ومشاكل المواطنين عموماً . لكن يجب أن يتعداه إلي الاهتمام ببناء الإنسان نفسه . وذلك من خلال الفعل الثقافي الذي يري أهميته وضرورته في هذا الظرف تحديدا . مؤكداً أن العمل الثقافي من شأنه أن يجتث الإرهاب من جذوره ويقضي عليه . فضلاً عما يتركه من أثر إيجابي علي سلوكيات المواطن . وقال د. محمد سلطان إن استهلال فعاليات الصالون باستضافة قامة كبيرة مثل محمد جبريل هو خير استهلال وإشارة واضحة علي جدية الصالون وأهدافه . مشيراً إلي أنه اطلع علي سيرة محمد جبريل وإنجازه عبر مسيرته الطويلة وخرج بانطباع مؤكد أننا أمام رمز أدبي مهم لاتفخر به البحيرة فحسب وإنما تفخر به مصر والوطن العربي كله. وقدم الشاعر مسعود شومان شهادة قال فيها : منذ أكثر من ثلاثين عاماً كنت شبلا غضاً في حدائق الكتابة . طالبا في كلية الحقوق . وكانت ندوة محمد جبريل هي الحاضنة . أتذكر هذا الرجل الذي يؤمن بالمقولة الصوفية التي تصور رحلته " أنت تأخذ بقدر ماتعطي " أظنه كان يعطي وفي يقينه أن جيلا يثق في امكاناته سوف تشرق معه شمس الإبداع. إنه المثقف العضوي الذي مارس الكتابة والنصح . والتوجيه لطرائق وأساليب الحياة . كان يتابع أعضاء الندوة اجتماعياً وأدبياً . كثيرون عرفوا من خلال ندوته ومن خلال صفحات المساء الادبي التي أشرف عليها. أضاف مسعود شومان ان ندوة محمد جبريل علمت جيلا كاملا دون ادعاء ودون أنانية . فلن تلمح " الأنا " حين يدير وحين يقدم . فقط ستلمح الحنو والعطف والتشجيع بالكلام والنشر. ندوته بمثابة حديقة تعلمنا فيها من بعضنا القراءة . ورسمت مسارات واختيارات إبداعية جعلت لكل منا مايميزه. ومن مآثر هذا الكاتب العظيم أنه كان يتابع أعضاء الندوة نفسيا واجتماعيا وقدم فرصاً لكثيرين كنت واحدا منهم. وقال شومان إن محمد جبريل سكندري عاشق وعارف بتفاصل البحر والاسكندرية القديمة . جبريل الذي سكنته دروب وحواري وشخصيات الاسكندرية رغم إقامته في القاهرة . ولعل تذكر بعض أعماله يؤكد لنا هذه الحقيقة. وقدمت الكاتبة صفاء عبدالمنعم شهادة عن محمد جبريل اعتبرته فيها الأب والاستاذ والمعلم الذي ربي وعلم أجيالاً ماكانت الفرصة ستتاح لها لو وقوفه إلي جوارها ودفعها وتشجيعها وتقديم خبراته لها . مشيرة إلي أننا أصبحنا نفتقد مثل هذا الدور الذي لعبه محمد جبريل . متمنية أن يتم شفاؤه علي خير حتي يعود إلي مواصلة دوره التاريخي المهم. وقال الكاتب رضا إمام موجها كلامه لمحمد جبريل : لقد علمتنا كيف نصنع رجالاً. وكيف يكون لنا موقف مقاوم . وأضاف أننا في مصر نفتقد شيئين . القدوة .والقدرة علي الحلم. وقد تعلمنا من محمد جبريل القدوة والقدرة علي الحلم .كان قدوة لي شخصيا عندما كنت اتابع جريدة المساء القريبة إلي قلبي واتعلم من كتاباته سواء الصحفية أو الروائية التي تعلمت منها الكثير ومازلت. وقدم الشاعر مجدي عبدالرحيم شهادته عن محمد جبريل باعتباره الأب والاستاذ والمعلم الذي بقدر ماأضاف إلي مسيرة الروائية العربية أضاف أيضاً إلي مسيرة الابداع المصري من خلال اكتشافه وتبنيه لعشرات المواهب التي ماكان لها أن تواصل الابداع لولا احتضانه لها وتقديمها. وتحدثت د. زينب العسال زوجة الروائي الكبير محمد جبريل مؤكدة أن أهم مايميز جبريل هو قدرته الفائقة علي المقاومة سواء في كتاباته أو في حياته. فهو نموذج للإنسان المقاوم علي كل المستويات. وفي نهاية الندوة تحدث الروائي الكبير محمد جبريل عن بعض مراحل حياته. والهدف من ندوة المساء التي أقامها عقب عودته من سلطنة عمان عام 1984 مؤكداً أنه أقامها في البداية ليتواصل مع الأصوات الابداعية الجديدة وكان حريصا علي التقاط كل موهبة . وقد راهن علي كثيرين وربح الرهان . كما تحدث عن كتاباته وعشقه للاسكندرية التي يدفعه الحنين دائما للكتابة عنها . الاحتفالية تضمنت عرض بعض المواهب الأدبية والفنية الجديدة بدمنهور وتضمنت كذلك فقرة غناء للملحن والمطرب حسن زكي . وأدارها الشاعر محمد الحناطي. في حضور عدد كبير من أدباء البحيرة ومسئولي الثقافة بها منهم محمد مصطفي البسيوني مدير الخدمات الثقافية بالفرع الثقافي بالبحيرة وأحمد هواش مدير مكتبة مبارك التي استضافت اللقاء.