لم ترض بحياة الفقر التي عاشتها أيام طفولتها مع اسرة فقيرة يكاد دخل عائلها يكفي مصاريفها أو يوفر جزءاً من نفقاتها.. أما احتياجاتها فكانت بعيدة المنال بالنسبة لامكانياتها المتواضعة وظروف اسرتها التي تعيش في احد العشوائيات الفقيرة بمدينة الاسماعيلية. سارت بها الأيام وشب عودها حتي أصبحت فتاة في زهرة العمر وظهرت معالم الانوثة علي جسدها النحيل وراحت أنظار الشباب تلاحقها ونظرات الاعجاب تطارد خطواتها ذهاباً واياباً.. لكنها رفضتها جميعاً.. كانت يبحث عن شخص ينتشلها من مستنقع الفقر ويقفز بها إلي عالم الاحلام الذي تعيش فيه وتصبو للوصول إليه لتحقق معه رغبتها في الثراء وحياه الاغنياء. اختارت من بين معجبيها الطالبين القرب منها شاباً تبدو عليه علامات الثراء.. لديه سيارة فاخرة يرتدي ثياباً راقية.. ينفق بسخاء وسط الاصدقاء الذين يلتفون حوله ويسيرون في ركابه انتظاراً لما يجود به عليهم من أموال وهدايا.. لم تلتفت إلي الشبهات التي تدور حوله أو مصدر الأموال التي ينفقها ببذخ.. كان كل ما يهمها هو أمواله والثراء الذي سيعود عليها.. والذي تحقق به أحلامها وتسعي معه لتغيير حياتها والانتقال من الحياة في قاع المجتمع إلي المعيشة مع أهل القمة. ارتبطت به بعد موافقة أسرتها التي وجدت فيه شخصاً كريماً وعريساً لن يكلفهم شيئاً ودون أن يسألوا عنه أو يعرفوا حقيقة عمله أسرعوا بعقدالقران وزفاف ابنتهم اليه ليزيحوا عن كاهلهم هم مصاريفها واحتياجاتها.. وتذهب العروس إلي عش الزوجية التي وجدت فيه كل احتياجاتها والكماليات التي كانت تسمع عنها ولم تعرفها قط.. كما وجدت زوجاً يحبها ويحسن معاملتها ويلبي كل احتياجاتها وطلباتها. ظنت أنها حققت أحلامها ونالت السعادة التي كانت تبحث عنها.. وانها تعيش الحياة التي تريدها ورغم انها اكتشفت ان زوجها يعمل في تجارة الممنوع وكل أمواله وثروته جمعها من بيع الصنف لاصحاب المزاج ومدمني المخدرات.. الا أنها لم تهتم ويكفيها.. كما تري.. الحياة التي تعيشها والسعادة التي تغمر عش الزوجية.. وان الخوف والقلق الذي سيطر عليها لبعض الوقت لا شيء بجانب ما حققه لها زوجها. علي مدي حوالي عشر سنوات.. هي عمر زواجة من تاجر المزاج عرفت أسرار المهنة وتعلمت أصولها.. واتقنت فنونها . كانت تخطط لمشاركة زوجها في تجارته ..رفض زوجها أن تعمل معه.. بل حرص أن تكون بعيدة عن السوق تماماً خوفاً علي سمعتها ولإبعادها عن الشبهات.. وأيضاً لتتفرغ للبيت وتراعي الأسرة دون أن يشغلها شيء عنها لكنه وافق علي أن تشارك بما ادخرته من أموال في تجارته وان يشتري بضاعة باسمها وتكون أرباحها خالصة لها علي أن يوزعها هو وصبيانه. فرحت بهذا العرض الذي يحقق حلمها في زيادة أموالها.. ورغبتها في مشاركة زوجها تجارته التي تدر عليها أرباحاً كبيرة صارت بها الحياة أياماً وشهوراً وأموالها تنمو في سوق المزاج وعلاقاتها تزداد بتجار الصنف ومدمنيه دون أن يعكر صفوها شيء سوي الخوف من المجهول والقلق علي مستقبلها وحياتها التي عاشت تسعي إليها وتحلم بها. لكن الهواجس التي كانت تؤرق نومها وتشغل فكرها سيطرت عليها وعكرت صفو حياتها حتي وقع ما كانت تخشاه.. فقد استيقظت يوماً علي خبر ضبط زوجها وسقوطه في قبضة رجال المباحث متلبساً بحيازة المخدرات والاتجار فيها..ليتم الزج به خلف القضبان .. تجد "ديدي" نفسها وحيدة في عالم جديد لم تجرب صدماته أو إخفاقاته.. ورغم أنها تعرف عنه الكثير لكنها لم تجربه أبداً.. لكنها قررت أن تسير فيه وان تحمل راية المزاج بعد سقوط زوجها وان تستغل علاقاتها وتجرب حظها. لجأت إلي أحد معارف زوجها لتحصل منه علي كمية من البضاعة لتوزيعها علي أن تسدد ثمنها بعد البيع.. فليس معها ثمن البضاعة بعد أن صرفت كل ما تملك علي قضية زوجها من أتعاب محامين ومصاريفه في الزنزانة بالاضافة إلي احتياجات بيتها واسرتها. نصحها "التاجر" بالابتعاد عن هذا السوق لأنها ليست أهلاً لدخوله أو التعامل فيه رغم علاقتها بالتجار والزبائن.. لكنها اصرت علي طلبها وألحت ان يساعدها لترعي اسرتها وتوفر احتياجات بيتها.. فطلب منها الابتعاد عن تجارة الانواع المعروفة والغالية الثمن.. والتخصص في أقراص الهلوسة التي تتناسب معها كامرأة. انصاعت "ديدي" لنصيحة "التاجر" وحصلت علي كمية من الاقراص المخدرة.. وابتعدت بتجارتها عن مسكنها واختارت تروج بضاعتها بنفسها بين عملائها بمنطقة السلام بعد أن رفض صبيان زوجها العمل معها.. وخلال فترة بسيطة تمكنت في تصريف بضاعتها وتسديد ثمنها للتاجر الذي حصلت منه علي كمية أخري بأرباحها من ترويج الاقراص. كررتها عدة مرات.. وكانت الأمور تسير معها علي ما يرام وارباحها تتزايد مع الأيام مما أغراها علي . واتجهت إلي موقف سيارات الميكروباص بالحي واتخذت منه سوقاً جديداً لها تروج فيه سمومها بين سائقي الميكروباص الذين يفضلون اقراص الهلوسة علي الانواع الأخري من المخدرات . كانت المعلومات توافرت أمام الرائد محمد جميل رئيس مباحث قسم ثان بتردد المتهمة علي موقف السيارات لترويج الأقراص المخدرة بين سائقي الميكروباص.. فأخطر مدير إدارة البحث الجنائي بالمعلومات المتوافرة.. فأمر بإعداد كمين وضبط المتهمة متلبسة بحيازة المخدرات والاتجار فيها. أعد النقيب محمد ثروت معاون المباحث كميناً والقي القبض علي "ديدي" وبحوزتها كمية من الاقراص المخدرة تزيد علي الفي قرص ومبلغ 280 جنيها اعترفت أنها من حصيلة نشاطها.. وتبين أنها تقيم بمنطقة الشهداء وتتخذ من حي السلام وموقف الميكروباص مركزاً لنشاطها. تحرر محضر بالواقعة وتحريز المضبوطات.. وبالعرض أمام محمد النحاس رئيس نيابة الاسماعيلية وسكرتارية أحمد أبوالمجد- أمر بحبسها 4 أيام أحتياطياً علي ذمة التحقيق.