بدأ مجلس النواب في صرف قرض حسن للسادة اعضاء المجلس الموقر بواقع 50 ألف جنيه لكل نائب محترم تسدد علي أقساط لمدة خمس سنوات بدون فوائد علي أن تخصم قيمة القسط من رواتبهم الشهرية الكبيرة! وبحسبة بسيطة نجد أن الحكومة ستدفع من موازنة الدولة حوالي 30 مليون جنيه دفعة واحدة من أجل عيون السادة النواب! السبب المعلن أن القرض يهدف إلي مساعدة النواب "الغلابة" في تدبير أماكن إقامتهم في القاهرة حتي يتمكنوا من حضور جلسات البرلمان.. رغم أن عددا ليس بقليل من النواب لا يحضرون الجلسات.. كما أكد بذلك د. علي عبد العال رئيس المجلس الذي هدد بفضحهم وإعلان اسماء المتغيبين في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة لإجبارهم علي الحضور إلي البرلمان! وكلنا نعرف أن جميع اعضاء المجلس - بدون استثناء - حالتهم المادية ميسورة جدا حتي أنهم كانوا "يبعزقون" ملايين الجنيهات في الانتخابات لشراء الأصوات والفوز بكرسي البرلمان.. لأنهم واثقون من قدرتهم علي تعويض هذه الملايين خلال وقت قصير جدا بل سيحققون المزيد من الملايين! للأسف لم نتغير بعد ثورتين هزتا المنطقة بل والعالم كله - بينما نحن لم نتغير ومازلنا نفكر بنفس العقلية ونسير علي نفس الطريق الذي كنا نسير فيه قبل ثورة 25 يناير.. بل إزداد الأمر سوءا بانتشار الفوضي والانفلات والفساد في كل مكان من أرض المحروسة! وكان الله في عون الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يبذل جهودا خارقة في الداخل والخارج من أجل انقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار وإعادة بناء البلاد علي أسس سليمة وصحيحة.. إلا أن الرئيس يعمل لوحده ولا توجد بجانبه حكومة قوية قادرة علي مساعدته في بناء مصر الجديدة! نعود إلي القرض الذي حصل عليه النواب "الغلابة" وأري أنه كان يمكن استخدام مبلغ ال 30 مليون جنيه في بناء مدرسة أو مستشفي أو حتي وحدة صحية بإحدي القري الفقيرة المنتشرة بالعديد من المحافظات.. ولكن الحكومة "المرتعشة" لا يهمها الناس الغلابة بقدر ما يهمها الحصول علي رضا النواب وذلك قبل أسبوعين من البيان الذي سيلقيه المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أمام البرلمان! وبالطبع سيبدأ المجلس بعد ذلك في مناقشة بيان الحكومة وسيكون كل نائب حريصا علي الحديث والادلاء برأيه في البيان.. وستستغرق هذه المناقشات عدة شهور ثم تنتهي بالموافقة علي بيان الحكومة واعطاء الثقة للمهندس إسماعيل.. ثم يتم الاعلان عن انتهاء الدورة البرلمانية ويحصل اعضاء المجلس علي إجازة الصيف التي تستمر عدة أشهر بدون أن يناقش المجلس قانونا واحدا من القوانين العديدة التي كان يجب إقرارها لتنفيذ مواد الدستور الذي وافق عليه الشعب بأغلبية كاسحة منذ أكثر من عامين ولم ينفذ حتي الآن! لقد استغرق مجلس النواب أكثر من شهرين في مناقشة مواد اللائحة الداخلية للمجلس.. ثم دخلوا في معارك كلامية امتدت للاشتباك بالأيدي وبالأحذية وهم يتصورون أن هذه هي الديمقراطية وهي أمور لا علاقة لها أبدا بالديمقراطية ولا بالأخلاق والقيم والمبادئ المحترمة! آن الأوان أن نتغير وندرك أن الوقت ليس في صالحنا وأننا اضعنا الكثير من الفرص للنهوض ببلادنا وليس أمامنا سوي أن نطبق القانون في كل موقع من مواقع العمل في بلادنا حتي نتجاوز المحنة التي تمر بها وحتي نقضي علي الفوضي والانفلات والفساد الذي ينتشر في كل ربوع البلاد! تطبيق القانون علي الكبير قبل الصغير هو الحل الوحيد لمواجهة كل مشاكلنا.!