لا شك أن ملف العمارات المخالفة التي أقيمت في كل محافظات مصر علي مدي السنوات الخمس الماضية يعد من أخطر الملفات التي تواجهها الحكومة الحالية.. كما يشكل كابوسا مفزعا للملايين من المصريين وخاصة بعد أن خرج عدد من المحافظين مؤخرا يهددون بقطع المرافق عن هذه العمارات التي تتراوح أعدادها ما بين 700 إلي 800 ألف عمارة في مختلف المحافظات.. بل ويهددون بهدم هذه العمارات والقبض علي أصحابها وايداعهم السجون.. أما بالنسبة لسكانها فيري المحافظون أنهم يستحقون أن يلقي بهم في الشوارع لأنهم اشتروا هذه الشقق وهم يعرفون أنها مخالفة وبالتالي فإن القانون لا يحمي المغفلين. المشكلة كبيرة بل وهائلة ولكن لابد أن نعترف اننا جميعا ضحايا وأيضا مجرمون!! ففي أعقاب ثورة 25 يناير انتشرت حالة من الفوضي والانفلات في كل أنحاء مصر.. وتم التعدي علي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والبناء عليها.. كما تم اقامة آلاف العمارات علي أراضي املاك الدولة وانتشرت المباني العشوائية التي تم اقامتها علي عجل وأصبحت الآن معرضة للانهيار في أي لحظة وتم هدم مئات الفيلات التاريخية وأقيمت بدلا منها كتل خرسانية قبيحة الشكل.. وأصبحنا نري لأول مرة عمارات الطوب الأحمر علي النيل وعلي كورنيش الإسكندرية.. تصوروا. الغريب أن الحكومة "مش هنا" وكأن الأمر لا يعنيها في شيء رغم أنها تنفق المليارات من أجل تطوير المناطق العشوائية في الوقت الذي تسمح فيه بإقامة المزيد من المناطق العشوائية في كل أنحاء مصر. وخلال هذا الأسبوع ستتقدم حكومة د. شريف إسماعيل ببيانها وبرنامجها إلي مجلس النواب لإقراره تمهيدا للبدء في تنفيذه.. ولا ندري هل سيكون ملف العمارات المخالفة موجودا في هذا البرنامج أم ستستمر الحكومة في تجاهله حتي يأتي الله أمرا كان مفعولا. اننا نطالب نواب الشعب بألا يفعلوا مثل الحكومات التي تعاقبت منذ 25 يناير 2011 وأن يفتحوا هذا الملف الخطير وأن يكون علي رأس اهتماماتهم وأن يضعوا في اعتبارهم أن هذه العمارات تكلفت مليارات الجنيهات وأصبح يسكنها مئات الآلاف من المواطنين.. وفي نفس الوقت فإن البناء علي الأراضي الزراعية أمر مرفوض والبناء بدون سلامة إنشائية مرفوض والتعدي علي اراضي الدولة مرفوض والعمارات ذات واجهات الطوب الأحمر مرفوضة.. وبدون ذلك يمكن التصالح مع الملاك بعد دفع غرامات مالية تخصص لصندوق "تحيا مصر" ويتم الصرف من عوائدها علي إقامة مدن جديدة للشباب بأسعار في متناول اليد.. كما لابد من إصدار قانون عاجل ينص علي وقف البناء المخالف علي الفور وإجراء تسهيلات في منح التراخيص والحبس الفوري لكل من يخالف مع مصادرة المبني المخالف. آن الأوان أن نحسم هذا الملف الخطير الذي يؤرق ملايين المصريين بدلا من أن نتركه للأجيال القادمة بعد أن تكون مساكن مصر كلها مخالفة. فهل تتحرك الحكومة؟ وهل يتحرك نواب الشعب؟ نحن في الانتظار!!