أعشق مصر كتسعين مليون مصري يعشقونها.. أسافر وأعود إليها وفي كل رحلة خارج ربوعها يتأكد لي أن عشقي لها عبقري التكوين.. يتماس مع عبقريتها وسحرها ويشكل داخلي النموذج الاوحد لحب الوطن.. حب الام لابن مجرم كما تقول الشاعرة جليلة رضا.. الام وحدها تحب ابنها علي شكله ولا تسعي لتغييره.. والابن فقط يعشق أمه مهما بدت.. مصر التي أحبها لا أري لها مثيلا في الكون لا أوروبا ولا آسيا ولا حتي دولنا الشقيقة.. مصر بلد الروح وإن غاب العقل فترات.. يظل الروح نابضا بسحر لم تجربه ولن تجربه كل بلدان العالم.. التي سلمها العقل للتقدم والرقي والازدهار المبهر لكنها بلاد لا تنبض بدفء مصر التي تكمن عبقريتها في كل شبر.. مصر التي يروي لك كل حجر فيها حكاية كفاح وحب وعشق وخيانة ووفاء.. خليط من سحر الكون يتأكد ويثبت وهذا ما شعرت به مؤخرا في رحلتي لدبي تلك البلدة التي تؤكد لك ان التطور والنجاح ليس صنيعة غربية فقط والتي نفخر بها وبمنجزها.. في زيارتي الاولي لدبي منذ أربعة سنوات لم أحبها وعدت بمقالة بعنوان "انهم يصنعون الجنة" لكنني لم أحب صناعتهم وان ابهرتني ثم دعيت مرة ثانية لزيارتها منذ عام ورفضت قائلة: ليست بي رغبة في الشراء والتبضع وهذا ما مثلته لي دبي السوق الكبير لكل ماركات العالم وبأسعار زهيدة وتخفيضات حقيقية.. ومنذ أسبوع عدت إليها في زيارة خاطفة لاجدها مازالت علي منهجها أنهم يتحدون الزمن لصناعة حضارتهم الحديثة ومجدهم الجديد.. المبهر ليس الغلو في فخامة البناء ولا عظمة الافكار.. المبهر هذا التمازج الفريد بين الشعب والحكومة... رغبتهما معا علي مبدأ "نكون أو لا نكون" والخيار طبعا نكون وفي المقدمة. هذا الحرص علي تنفيذ رؤية الحاكم في النهوض تأكد لي من موقفين.. الاول الفيلم التسجيلي الذي بهرني عندما زرت متحف دبي.. نعم لا تضحك عزيزي القارئ كما فعل الكثير من رفقائي عندما ذهبنا ووجدنا مساحة غرفة في بيت أحدكم مقسمة لبيت للنوم وحجرة صيفية وحمام وبرج طيني.. وسخرية احفاد الفراعنة الذين يتركون لنا مصر العظيمة متحفا مفتوحا تسير فيه بعظمة سبعة آلاف سنة.. سخروا وحزنت وتساءلت الناس تبحث عن ماض لهم يحق لهم أليس كذلك؟! ثم دخلنا في ممر صغير لنكمل المتحف كما يطلقون عليه وهناك كانت الشاشة العملاقة التي تفصل بين حطام المراكب التي رأيناها في بهو هذا المتحف الذي لايتجاوز خمسين مترا.. وقال لك الامارات كيف كانت وكيف أصبحت وكيف ستكون في 2030 نقلة كبيرة وصراحة أكبر ووضوح في رؤية.. وجدتهم صادقين يعرفون انهم بلا حضارة تاريخية ولا معابد كالتي في مصر وروما وبلاد تركب الافيال.. وانهم لا يملكون الا البترول والحب العميق لوطنهم ورغبة اكيدة ان يكونوا جميعا معا.. شاهدت بنفسي مشاريعهم التي خططوا لها وتمت والتي ستتم والعمل الجاد وكأنهم يسابقون الكون.. دبي تسعي لان تكون الاولي وستكون وأفخر ان تكون فهم يستحقون فجميعهم يعملون.. الموقف الثاني موقف سيدة اماراتية وهي تسير في محطة المترو التي تفوقوا فيها علي أوروبا عندما انحنت لترفع جريدة ملقاة علي الارض وتعيدها في مكانها!! لا يحتاج التصرف لتعليق.. بل لتقدير.. البلد داخليا وخارجيا نظيفة كالبيوت والقلوب والضمائر لهذا.. ارفع قبعتي لحاكم الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.. ولحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. لسعيهم علي التواجد علي خريطة العالم المتقدم.. فقط أعيب علي هذا الأداء أهم الاشياء لي كعربية مسلمة.. لقد افتقدت الحديث بلغتي في دولة عربية فهل هذا الامر لا يدخل في خطتكم.. تحويل الامارات كمنافس عربي أروع من ان تنافس بلا هوية.. اللغة اهم ما نحافظ عليه لانها لغة القرآن الذي هو دستورنا الذي يجمعنا كعرب.. الا ان يكون هناك نية لاني تتخلي الامارات عن تلك الهوية وتتحول لبلد كوني فقط. تحية تقدير لاصحاب الرؤي وشكرا لانني غيرت نظرتي لدبيوالامارات وأحترم فيهم الان الاصرار والحب والوفاء بالمعهد.. تحية لشعب الامارات.