لنجيب محفوظ قصة في "أحلام فترة النقاهة" يطلب الرجل أن يعيدوا بناء غرفة خلوته القديمة فوق السطح. ليستعيد أياماً جميلة. لما انتهي العمال من بناء الغرفة. سألوا الرجل رأيه. قال: كل شئ كما أردته. لكن أين الروح؟ ذكرني بهذه القصة الجميلة ما نشر عن محاكاة الصين لتراثنا ببناء أهرمات مشابهة لاهرامات الجيزة. ووجسد جيري ممثل لجسد أبوالهول. قد يعجب المشاهدون بما صنعه التقدم العلمي والتكنولوجي. لكن السؤال الذي لابد أن يطرح نفسه: أين الروح؟ذلك ما تتسم به الآثار الفرعونية العظيمة التي جري بناؤها بوسائل بدائية قوامها الجهد اليدوي. لا رافعات ولا وسائل نقل. ولا غيرها مما استحدثه العلم المعاصر. لكن الآثار المصرية تحدت الزمن عبر آلاف السنين. وظل أبوالهول في جلسته الساكنة لم تفلح الغزوات. ولا عوادي الزمن في تشويهه. عدا الأنف الذي ادعي بعض المؤرخين سقوطه بفعل فاعل.. أجنبي عن البلاد! الروح. المعني. عظمة الحضارة.. كل ذلك يظل مفتقداً في محاولات محاكاة التراث في تاريخ الشعوب. من حقنا أن نعتز بتراثنا القديم. ونحرص عليه. لكن المشاهد التي طالعتنا بها القنوات الفضائية تدفعنا إلي اجترار الاسي علي ما تعانيه أثارنا من سرقة وإهمال بلغت حد بيع قطع من حجارة الاهرامات للسياح. بالاضافة إلي تحويل المنطقة أسفل الاهرامات للسياح. بالاضافة إلي تحويل المنطقة أسفل الاهرامات الثلاثة وحولها إلي مقلب زبالة. ترفضه العشوائيات ومساكن الاكواخ! في حكومتنا الرشيدة أكثر من وزارة. مهمتها الحفاظ علي آثارنا في تعاقب العصور: الاثار. الثقافة. البيئة. الداخلية. بالاضافة إلي محافظة الجيزة وقيادات الحكم المحلي في إقليم القاهرة الكبري. كل تلك المؤسسات المهمة تستحق المؤاخذة لما تعانيه من العجز واللامبالاة! إن نشوه الاثار بشخبطات. فهو ما يحسب علي غياب الوعي. أما ان نبيع آثارنا فإن الصفة الحقيقية لذلك هي الجريمة. وكل جريمة لابد ان تواجه بعقاب رادع. أو تتكرر وتتحول إلي نزيف لايتوقف! الاثار ليست مجرد بنايات. تتقوض فنبني بدلاً منها. إنها التعبير عن تاريخنا وحضارتنا والروح التي افتقدها نجيب محفوظ في قصته القصيرة. أزيد فأجد في الحفاظ علي آثارنا دفاعا عن تاريخنا القومي. ومحاسبة من يسئ إليه- ولو بالإهمال أو التواطؤ- علي جريمة تستحق العقاب.