توجد أنظمة تعليم متميزة في دول كثيرة من العالم ولكن لم تنجح الدول العربية في نقل تجارب الدول التي سبقتنا كثيراً في هذا المجال وفي مقدمتها فنلندا وبالتالي يأتي التعليم في العالم العربي بشكل عام في مذيلة الترتيب العالمي. خصوصاً التعليم في مصر! فما هي معالم التجربة الفنلندية؟!.. وكيف نجحت هذه الدولة الأوروبية في احتلال مقدمة التصنيف العالمي كأفضل نظام تعليمي؟ الأمر بسيط.. فالتعليم الفنلندي يختلف عن نظم التعليم الغربية التي تركز علي التقييم. وقد أدخلت فنلندا إصلاحات كبري علي التعليم المدرسي قبل 40 عاماً وأهمها أن الطفل لا يبدأ الانخراط في التعليم المدرسي إلا بعد بلوغه سن السابعة.. ولا تجري امتحانات للتلاميذ قبل سن المراهقة. كما لا تقاس قدرات التلميذ علي الإطلاق طوال السنوات الست الأولي من التعليم.. ويوجد فقط اختبار معياري إلزامي يخضع له التلميذ عند بلوغه السادسة عشرة. في الوقت نفسه لا توجد فصول للمتفوقين وأخري لغيرهم.. فالجميع سواء ويدرسون في فصل واحد. ورغم تميز التعليم الفنلندي فما تنفقه الحكومة الفنلندية علي التلميذ يقل بنسبة 30% عما تنفقه الولاياتالمتحدة. وهناك 30% من التلاميذ يتلقون مساعدات إضافية في العملية التعليمية خلال السنوات التسع الأولي بالمدرسة.. ويلتحق بالجامعات 66% من الطلاب.. وهي النسبة الأعلي في أوروبا. يضاف لما سبق أن الفارق بين أضعف الطلاب وأقواهم هو الأقل علي مستوي العالم.. ويبلغ أقصي عدد لطلاب الفصول العلمية 16طالباً حتي يتمكنوا من إجراء التجارب العملية بأنفسهم. وهناك 93% من الشعب الفنلندي يلتحقون بالتعليم الثانوي بزيادة حوالي 5.17% عن الولاياتالمتحدة.. كما أن 43% من طلاب الثانوي بفنلندا يلتحقون بمدارس التدريب المهني. وتشير التقارير إلي أن تلاميذ الابتدائي يحصلون علي استراحة مدتها 75 دقيقة يومياً.. مقارنة بحوالي 27 دقيقة فقط بأمريكا. أما بالنسبة للمدرس الفنلندي فهو يمضي أربع ساعات يومياً داخل الفصل.. ويحصل علي ساعتين من التدريب أسبوعياً للارتقاء بمستواه المهني. ويوجد بفنلندا من المدرسين ما يعادل عدد مدرسي ولاية نيويوركالأمريكية.. ولكن عدد التلاميذ الفنلنديين أقل بكثير.. والتعليم المدرسي ممول بالكامل من الحكومة. والمدرس الفنلندي يجب أن يحمل درجة الماجستير ويتم تقديم الدعم الكامل له للحصول علي هذه الدرجة العلمية.. والمناهج الدراسية الوطنية عبارة عن خطوط عريضة فقط.. ويتم انتقاء المدرسين من بين أفضل 10% من الخريجين. ويبلغ متوسط الراتب للمدرس الفنلندي في بداية التعيين ما يعادل 29 ألف دولار أمريكي سنوياً.. بينما يبلغ مرتب نظيره الأمريكي 36 ألف دولار. ومدرس الثانوي صاحب خبرة 15 عاماً بالتدريس يحصل علي 102% مقارنة بأجر أي خريج جامعي آخر. الأهم أن المكانة الاجتماعية للمدرسين هي نفس مكانة المهندسين والمحامين. ونحن لا نطمح في الوصول لمستوي فنلندا ولا أمريكا.. ولا نبغي القفز إلي هذا المستوي.. وإنما نريد أن نبدأ بمحاولة تعلم شيء من تجارب الآخرين.. ونحاول -قدر الإمكان- التأسي بهذه التجارب.. ورغم البون الشاسع بيننا وبينهم يجب ألا يتملكنا اليأس من قطع خطوات للأمام في هذا المجال.. فالتعليم أساس كل تقدم.. وهو الحصان الأسود في السباق نحو امتلاك القوة في جميع المجالات بلا استثناء. يجب علي الحكومة أن تولي اهتماماً أكبر للمدرس والتلميذ ونظام التعليم.