كلنا يعلم حجم المعاناة التي يواجهها تليفزيون الدولة الرسمي من افتقاده لأي برنامج يجذب المشاهدين في الوقت الذي استحوذت فيه الفضائيات الخاصة علي أعلي نسب المشاهدة .. نعم المرتبات هنا هزيلة. وهناك مغرية جداً.. عدد الموظفين والمذيعين والعاملين هنا بلا حد أقصي مما يمثل حملاً علي ميزانية تليفزيون الدولة. بينما هناك في القنوات الخاصة العدد محدود والفلوس "زي الرز".. هنا لا فكر جديداً ولا تطوير ولا حتي اهتمام بالمحتوي. بينما هناك جد واجتهاد والكلمة بحساب والمخطئ يغادر المكان فوراً. لذلك تجد عدداً كبيراً من الذين يعملون في تليفزيون الدولة بمنتهي اللامبالاة والاهمال وإذا قدر لهم الانتقال للعمل بالقنوات الخاصة فإنهم يتحولون إلي شعلة نشاط ويعملون في قمة التركيز لأن أي خطأ منهم سيحمل في طياته قرار الاستغناء عنهم . والشئ نفسه مع الأسف ينطبق علي العاملين في الصحف القومية عندما ينتقلون للعمل في الصحف الخاصة.. فهم هنا بلداء وهناك عباقرة.. فما دام الراتب مضمون في نهاية الشهر هنا فلا داعي ليجهدوا أنفسهم. أما هناك فالراتب مرتبط بالابداع والانتظام والالتزام وهو ما تفتقده مؤسسات الدولة الإعلامية "صحافة وتليفزيون". أقول هذا بمناسبة البرنامج الذي أعلن عنه مؤخراً ليذاع علي تليفزيون الدولة تحت عنوان "أنا مصر".. وللحقيقة فإنني عندما رأيت إعلانات هذا البرنامج تملأ الطرق استبشرت خيراً. وقلت لعلنا نشاهد علي تليفزيون الدولة ما يستحق المشاهدة علي الرغم من أن المذيعين الذين سيقدمون حلقات هذا البرنامج ليس منهم من هو قادر علي جذب المشاهد سوي اثنين فقط تقريباً. أما الباقون فهم من شباب ماسبيرو الذين تسبق عدد كبير منهم سمعة ثقافية ومعلوماتية غير طيبة. ولكن خاب أملي.. فالبرنامج لم "يُعلّم" بلغة الصحافة لدي المشاهدين.. لسبب بسيط أن المشهورين من مذيعيه ما زالوا مشغولين ببرامجهم في القنوات الخاصة. واعتبروا أنفسهم مثل "البضاعة السلف" التي يستعيرها أحد الأفراد لأداء مهمة ثم يعيدها من حيث أحضرها .. وأحسست أن هؤلاء المشاهير ينطبق عليهم المثل القائل "ليست الثكلي كالنائحة" أي أنهم ليسوا مهمومين بتطوير تليفزيون الدولة ولا حتي نجاح برنامجهم الوليد.. لأنهم "مشحوتين" من القنوات الخاصة وتم تطعيمهم ببعض الشباب قليلي الخبرة. أعتقد أن الأزمة ليست في المذيعين ولا المعدين ولا المخرجين.. المشكلة في الفكر. في ضرورة أن يشعر كل فرد من فريق العمل بهذا البرنامج أنهم في مهمة قومية.. لأنه عيب جداً أن يتذيل تليفزيون الدولة الترتيب بين القنوات التليفزيونية بسبب برامجه السطحية وقنواته التي ما زالت تصر علي تقديم برامج أقل ما يقال عنها أنها تافهة. يا سادة.. تليفزيون الدولة يعني مصر "نظام حكم وأجهزة" . وأعتقد أنه لا مفر من اللجوء إلي الرئيس السيسي لبحث كيفية تطوير تليفزيون الدولة بدلاً من أن يظل محل سخرية الإعلاميين العرب. ويكفي أن الشئ الوحيد الناجح فيه حتي الآن هو نشرة أخبار التاسعة مساءً.