لا احد في مصر الا وغاضب بشدة بعد نقض حكم اعدام 149 متهماً في قضية مذبحة كرداسة التي راح ضحيتها 11 ضابطاً وأمين شرطة ومدنيين تصادف مرورهم امام القسم.. قتلوا ومثل بجثثهم بوحشية قبل 30 شهراً في اعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة الإرهابيين. اسباب الغضب معروفة ومفهومة.. ودون لف أو دوران فإن العدالة البطيئة هي قمة الظلم.. واذا كان القصاص هدفه هو الردع فإن المط في مداولة القضايا لا يحقق هذا الهدف نتيجة طول مدة التداول.. وبالتالي فإن العدالة الناجزة هي قمة العدل ايضاً حيث تحقق العديد من الأهداف : القصاص الالهي. تهدئة أسر الضحايا. ردع الغير.. إذن.. اين العيب.. وما هو الحل..؟؟ قولاً واحداً.. العيب في القوانين عامة وقانوني الاجراءات الجنائية والنقض خاصة.. حيث تظل القضية الواحدة تتداول سنوات في الجنايات ثم النقض ثم العودة للجنايات ثم النقض واخيراً تنظرها النقض موضوعاً وتفصل فيها بحكم نهائي وبات.. سنوات تكون قد خمدت ومتهمون ماتوا دون عقاب واسر "مولعة" ويائسة وشارع يغلي ومجرمون جدد يرتكبون جرائم مثيلة وهم آمنون استناداً الي أن العدالة سلحفائية.. وقولاً واحداً ايضاً.. فإن الحل هو التعديل الفوري لهذه القوانين لسرعة الانجاز وتحقيق العدالة في نفس الوقت. كان هناك اقتراح بتقليص مراحل التقاضي في الجنايات بحيث تنظر هذه القضايا محاكم الجنايات ثم النقض وجوباً فإذا نقض الحكم نظرتها محكمة النقض موضوعاً وفصلت فيها بحكم نهائي وبات.. وبالتالي تختصر المراحل دون الاخلال بالعدالة.. فلماذا لا يتم ذلك..؟؟ وهناك اجراء اثير فعلاً وعليه لغط واسع يجيز للقاضي عدم الاستماع للشهود طالما توفرت لديه الأدلة المادية التي تجعله مقتنعاً ومطمئناً.. فلماذا لا يقر ذلك..؟؟ وهناك رأي بزيادة عدد المستشارين بمحكمة النقض بتبادل المستشارين في محاكم النقض والاستئناف معاً مثلما هو موجود في مجلس الدولة "القضاء الاداري والادارية العليا".. وهو رأي لو طبق فإنه سيؤدي لسرعة الأداء.. فلماذا لا يتم تفعيل ذلك..؟؟ يجب البت فوراً في هذه الحلول وغيرها لسرعة الفصل في القضايا.. غير ذلك.. انسوا أن تكون هناك عدالة ناجزة.. وليرحم الله الشهداء ويصبر اهلم وليهنأ الإرهابيون بإرهابهم..!!! وبالنسبة لقضية مذبحة كرداسة فقد طالتها عيوب القوانين مثل كل القضايا المثيلة التي "تتبختر" في اروقة المحاكم سنتين وثلاثة واربع سنين.. لكن يجب ايضا ان نعترف بأن نقض حكم الاعدام ليس بدعة وفق القوانين الحالية "المعيوبة" التي هي مثل "المنخل".. حيث سارت في مراحلها وتوقيتاتها المنصوص عليه : جنايات ثم نقض فالعودة للجنايات.. وحتي لا تصدموا فوارد جداً أن يتم نقض الحكم الجديد ومن ثم ستنظر محكمة النقض القضية موضوعاً. لكن.. علينا أن ننتبه الي 4 أمور : * الأول.. ان القاضي - اي قاض - لا دخل له بآراء العالم الخارجي أو الشارع.. وهو يصدر حكمه بناء علي مارسخ في وجدانه واطمأن له قلبه ووفق الأدلة والأوراق.. انه قاضي اقتناع. * الثاني.. ان الحكم بالاعدام انما يزهق روح انسان ومن ثم لابد من التحوط بشدة في اصداره ومن المؤكد ان قاضي مذبحة كرداسة رأي عيباً فنقض الحكم.. الحيثيات ستوضح. * الثالث.. ان قبول الطعن في القضية ليس معناه ابداً ان النقض معترض علي اعدام المتهمين أو غل يد محكمة الجنايات الجديدة عن اصدار حكم مشابه.. فقد تحكم بذات الحكم علي الجميع ثانية أو علي معظمهم أو بعضهم.. انها محاكمة جديدة ومن ثم الاحكام جديدة. * رابعاً.. حتي يفتح ربنا علينا ونعدل القوانين ونقلص مراحل التقاضي فنحن محكومون بالاجراءات الحالية.. ولكن يطمئننا ان اعادة المحاكمة لن تستغرق وقتا طويلاً. قلبي مع أسر الشهداء الذين يعيشون في صدمة منذ المذبحة ثم زادت صدمتهم بنقض الحكم مما جعلهم يشعرون باليأس والحزن من جديد.. انها بحق مهزلة ان تتداول قضية 30 شهراً.. وهي مسئولية "الدولة" المتمثلة في وزارة العدل ومجلس النواب.. نريد عدالة ناجزة تقتص من القتلة وتبرد دماء الشهداء وتطمئن ارواحهم وتريح اسرهم وتردع كل ارهابي وقاتل.. فهل انتم فاعلون؟؟.. اتمني.