في العاصمة الهندية "نيودلهي" 18 مليون نسمة هم مجموع سكانها. يقابلهم 9 ملايين مركبة تجري في شوارعها. منها 3 ملايين سيارة خاصة وأجرة. أي بمعدل مركبة لكل شخصين. ومعظم هذه المركبات تعمل بالبنزين. رغم خطط تحويلها إلي الغاز الطبيعي التي بدأت عام 2001 ولم تنجح. وزادت هذه المركبات من زحام الشوارع. وزادت عوادمها من تلوث الهواء. وكلما جاء الشتاء تضاعفت معدلات التلوث. هناك محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. والهنود الذين يحرقون مخلفات المحاصيل. مثل قش الأرز عندنا. للتدفئة. وأولئك الذين يستخدمون روث الأبقار كوقود في أفران طهي الطعام. فضلا عن الأتربة المتصاعدة من عمليات البناء التي لا تتوقف. وليست العاصمة وحدها التي تعيش هذه المأساة. أرقام منظمة الصحة العالمية تقول إن الهند وحدها تضم 13 مدينة من بين العشرين مدينة الأكثر تلوثا علي مستوي العالم. خاصة بالأتربة التي تؤدي لأمراض السرطان. وقد وصل معدل التلوث في نيودلهي إلي عشرة أضعاف المسموح به عالميا. واحتارت الدولة التي نجحت في صناعة القنبلة الذرية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي. وتحتل اليوم مركزا متقدما في صناعة البرمجيات. في حل هذه المشكلة. وتحولت الشكوي من التلوث إلي قضية متداولة أمام المحاكم. وأصدرت المحكمة العليا في نيودلهي حكما لصالح السكان. أنهاه القاضي بتعبير في غاية القسوة والدلالة أيضا. قال القاضي: لقد أصبحت الحياة في نيودلهي. بسبب عوادم السيارات أشبه بالحياة في غرف الغاز. وطالب القاضي إدارة المدينة بالتحرك السريع لحل المشكلة حفاظا علي حياة وصحة السكان والزوار أيضا. وتوصلت إدارة العاصمة إلي حل جزئي. قسمت السيارات وفقا لأرقام لوحاتها المعدنية. وحددت لكل مجموعة أياما معينة في الأسبوع للسير في الشوارع. لتخفيف الزحام والتلوث معا. وهو حل سبقت إلي تجربته مدن وعواصم أخري في العالم. منها بكين في الصين ولاجوس في نيجيريا. وأثينا في اليونان. ومانيلا في الفلبين. وهو أحد الاقتراحات التي تطرح دائما كلما جرت مناقشة الحلول المتاحة لمشكلة المرور بالقاهرة. واعتبارا من يوم الجمعة القادم - الأول من يناير - ستبدأ نيودلهي في تطبيق نظام المرور الجديد. وتستطيع متابعة التجربة الهندية. لتري إن كان يمكن الاستفادة من إيجابياتها.. فمن الصعب أن نطلب العلم ولو في الصين. دون المرور علي الهند.