مرة أخري أعاود الحديث عن أزمة "سد النهضة" الإثيوبي.. وفشل الاجتماع السداسي الأخير في حل المشاكل العالقة بين مصر وإثيوبيا والخلافات بين المكتبين الاستشاريين المكلفين بإجراء الدراسات الفنية للسد.. وذلك بعد أن تمسكت القاهرة بطلب صياغة التزام قانوني يضمن حقوقها المشروعة. اتفق وزراء الخارجية والمياه بمصر والسودان وإثيوبيا علي استكمال المفاوضات في جولة جديدة يومي "27 و"28" ديسمبر الحالي لإيجاد حلول عملية لأزمة السد الإثيوبي. لقد أكد مراراً وتكراراً الوزير سامح شكري وزير الخارجية أنه لا إفراط ولا تفريط في مصالح مصر وحقوقها التاريخية في نهر النيل.. وإننا لم ولن نسمح بالإضرار بمصالحنا الوطنية كما لا نقبل التفريط في مصالح الأشقاء في السودان وإثيوبيا. القاهرة بذلت جهوداً كبيرة ومضنية في سبيل إرساء قواعد جديدة في علاقتها مع إثيوبيا.. وتمثلت في زيارات علي أي مستوي ولقاءات متعددة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي والتي أظهرت رغبة أكيدة لتوثيق العلاقات وتحقيق التفاهم والمصلحة المشتركة. ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية وهو يعمل علي سياسة الحوار والتهدئة في التعامل مع ملف المياه خاصة أزمة سد النهضة.. وهي سياسة حكيمة واثقة تقوم علي أساس أننا لا نسعي أن تتعدي مصالحنا علي مصالح الآخرين ولا نقبل بأي حال من الأحوال أن تتعدي مصالح الآخرين علي مصالحنا. لقاءات الرئيس السيسي منذ توليه الحكم مع الجانبين الإثيوبي والسوداني في "مالابو" يونيو 2014 أعلنت عن سياسته بمنتهي الوضوح والصراحة في إدارة هذا الملف.. وترجم هذا من خلال توقيع اتفاق "مولابو" مع رئيس وزراء إثيوبيا "هيلاما ريام ديسالين" والذي تضمن "7" مبادئ عامة تحكم إدارة المياه بين البلدين ليكون الوثيقة الأولي بين القاهرة وأديس أبابا منذ بداية الأزمة والإعلان عن بناء السد في 2011 وبعد ذلك تم الاتفاق لتدخل السودان طرفاً ثالثاً ويوقع الرؤساء الثلاثة علي وثيقة إعلان المبادئ في مارس .2015 وبعيداً عن تصريحات المسئولين الإثيوبيين والتي يؤكدون فيها أن السد لن يلحق أي ضرر بمصر وأن المياه سوف تقوم بتشغيل التوربينات ثم تتخذ طريقها العادي لمجري النيل وتتحرك في اتجاه مصر والسودان.. فهذه مؤامرة تكمن في البحيرة الصناعية خلفه والتي ليس لها أي ضرورة علي الإطلاق وتهدد بانهياره! خبراء المياه يحذرون من المراوغات الإثيوبية والمماطلة لاغراق الاجتماعات والمفاوضات معهم في تفاصيل فرعية.. كل ذلك بهدف استنزاف الوقت حتي يصبح السد أمراً واقعاً.. ولكن مصر بقيادتها السياسية الحكيمة تعي ذلك تماماً وتضعه في حساباتها وتتبع سياسة النفس الطويل حتي النهاية.. فمطالبنا واضحة ولا تنازل عنها ومن بينها أهمية الاتفاق علي قواعد الملء الأول للسد والتشغيل السنوي وآلية تنفيذ ذلك قبل الشروع في الملء الأول فضلاً عن بحث عناصر القلق المصرية والمتمثلة في تسارع وتيرة العمل في إنشاءات السد من الجانب الأثيوبي.