لرجاء النقاش عبارة تقول: نحن نحب التماثيل المكسورة. الجملة في سياق الحديث عن الشخصيات التي تبلغ مكانة تستحقها فيصر البعض علي الإساءة إليها بملاحظات يراها هو وحده دون الآخرين. وتسئ إلي إبداعات وانجازات أسهم بها مصريون حقيقيون. نحن نجد التعبير عن مصر المعاصرة في رموز تبدأ بحسن العطار والطهطاوي. وتتواصل في عرابي والنديم وقاسم أمين وسعد زغلول وطلعت حرب وطه حسين والعقاد ومشرفة ومحمود سعيد ونجيب محفوظ وسيد درويش وجمال عبدالناصر ويوسف ادريس وجمال حمدان وأم كلثوم ومحمدرفعت وعبدالوهاب. وعشرات غيرهم. أضافوا إلي بلادنا. فاستحقوا أن يكونوا تعبيرا عن مصر. رموزاً لها. انهم التجسيد لتاريخنا المعاصر. ولأن الرمز هنا بشر. فلعله من الخطأ أن أنشد فيه الكمال. السوبرمان الذي يقتصر علي الفعل الايجابي. ولا يخطئ. لكي أوضح رأيي. فثمة اتهام للطهطاوي بأنه كان ينتمي إلي الأرستقراطية المصرية بامتلاكه مساحات هائلة من الأراضي الزراعية. مقابلاً لمؤلفاته التي تدعو إلي الاستنارة. والتقدم. وحرية المرأة. وبالطبع فإن وضع الطهطاوي الاجتماعي لم يحل دون أن يضيف إلي فكرنا القومي والاجتماعي معالم ايجابية مهمة. أما صلة أحمد شوقي بقصر الخديو. فهي لا تلغي أهميته كأهم شعراء عصره. وأنه قد أضاف إلي الثقافة المصرية والعربية باختياره أميراً للشعراء العرب. والأمثلة كثيرة: الرمز. المعلم. الرائد والموجه. هو الذي تتسق كلماته وتصرفاته. لكننا في الوقت نفسه لابد أن نقدر الضعف الانساني الذي قد يهبط بالخط البياني دون أن يخل بتصاعده النهائي. نحن نعتبر المتنبي أهم الشعراء العرب. رغم الاتهامات التي ملأت كتاباً في مئات الصفحات عنوانه "الإبانة عن سرقات المتنبي"! ونحن نعجب بأعمال جان جينيه. نعزلها عن حياته الخاصة. ولعلنا نذكر رد جينيه علي تشبيه سارتر له بالقديس. بأنه ليس ذلك القديس. إنما هو إنسان محمل بالخطايا! يحقق الرمز مكانة ممتازة. يستحقها. لكن البعض يأبي إلا أن ينال من هذه المكانة بنقائص يخترعها خيال مريض. ونأسف للإساءة بلا سبب إلي الرموز المهمة في حياتنا. عدا الرغبة في رؤية التماثيل المكسورة! نتحدث عن قيمة مهمة في حياتنا. نبدي تقديرنا لاسهاماته. يطالعنا من يثني علي أحاديثنا. لكنه يضيف كلمة "ولكن" ويتبعها بما يكسر التمثال. ويجعل من معني "الرمز" أمنية مستحيلة!