* سيدتي: ما سأحكيه لك حقيقة حدثت بالفعل وليست مسلسلا ولا حدوتة.. نشأت في بيت ريفي عريق لأب متزوج من اثنتين ولم يكن لدينا مفهوم كلمة طنط ولا مسميات أخري إنما زوجة أبي الثانية نناديها أنا وإخوتي بأمي.. ولم نكن نفرق بين أقاربنا لأمي وزوجة أبي فكلهن خالتي وكلهم أخوالي وكان أبي سعيداً ونحن سعداء نجتمع ليلا علي الطبلية نأكل وأمي تضاحك أمي وتسخر منها في موقف والأخري ترد عليها وأبي يضحك منهما معاً.. إلي أن مرضت أمي وأصيبت بمرض في عمودها الفقري عرفنا فيما بعد أنه المرض الخبيث فما كان من أمي التي هي زوجة أبي إلا الرعاية الكاملة لأمي التي ولدتني حتي أن خالتي عندما جاءت لتحممها قالت لها ضرة أمي باللفظ الصريح "وهي كانت عدمتني علشان تيجي تعملي لها حاجتها" بهذا المفهوم نشأنا وتربينا ولم يغير هذا من شيء حتي بعد وفاة أمي لم يؤلمني اليتم فلدي أم حقيقية أحبتنا وحدبت علينا كأولادها. هذه المقدمة لكي أشرح لك ما أنا فيه الآن من مأساة حقيقية. منذ عام ونصف وقع حادث كبير وعلي أثره فقدت زوجتي ساقيها وقمنا بتركيب أطراف صناعية ولكنها من وقت لآخر تتعب ونجري جراحات.. مما جعل أولادي في حاجة ماسة لسيدة ترعاهم.. فأمي متوفاة وأمها كذلك وليس لنا شقيقات بنات.. استأجرنا خادمات ولكنهن في منتهي السوء وتعرضنا للسرقة وغير ذلك لغيرتها الشديدة لو كانت صغيرة.. المهم فكرت وعرضت عليها أن أتزوج ثارت وهددت بطلب الطلاق وبكت طويلا واتهمتني بأنني السبب فيما هي فيه الآن ولولا قيادتي المتسرعة كانت الآن تمشي علي قدمين واتهامات كثيرة.. سيدتي أقسم لك أنني بريء منها.. المهم أنني نحيت الفكرة فليس بي رغبة في الزواج ولكنها لم تنس لي ذلك أنا أحب زوجتي جداً ووالله لم أفكر في الزواج بغيرها إلا لحاجة اطفالي للرعاية.. ولكن حياتي تحولت لجحيم من بعد هذه الفكرة فهل تنصيحنني بماذا أفعل مع زوجتي أثابك الله خيراً عني وعن أولادي. * عزيزي: في البداية أعانك الله علي مصابك الأليم.. ودعنا لا ننكر علي زوجتك صدمتها بطلبك ونفورها وقسوتها التي تتحدث عنها.. الحقيقة يا صديقي أن حسن النوايا لا يبرئك من أنك آلمتها بشدة فقد وصل إليها أنها لم تعد الزوجة المرغوبة وأنك ترغب في زوجة جديدة في حياتك هذا وهو تفكير المرأة الآن.. ورغم مشروعية الطلب ولكن لن تقبل به غالبية النساء اليوم.. أنت تتحدث عن زمن ولي بكل جماله وقناعاته.. كانت المرأة متدينة أكثر وتفهم أن التعدد الذي حلله الله لا تحرمه امرأة لأنها غيورة.. ولا نجرم المرأة الغيورة فهذا حقها وزوجات النبي كن يغرن عليه ويدبرن المكائد لبعضهم للفوز بالنبي وبحبه.. هذا الزمن يا صديقي لم يعد فقد تربت أجيال علي فكر ورغبات مجتمعات بعيدة عن ديننا لذا لا تقارن موقف زوجتك بما كان من والدتك وضربتها فهذا ظلم لها.. لكي تقارن لابد أن يكون نفس الزمان ونفس البيئة ونفس الثقافة ونفس الظروف.. لكنك تخيرت الظرف الخاطئ والزمن الخاطئ وذبحتها دون قصد منك.. وسوف يحتاج علاجها الوقت الطويل فتحمل معها صبرا جميلا يحسب لك.. فهناك حالات أصعب من حالاتها ترعي أطفالها وتقوم علي خدمتهم.. فقط أعنها علي ذلك وتحمل حتي تتدرب وتتعود علي الإعاقة وتخير لها من يعاونها ولو فشلت في ذلك مائة مرة لتجعلها ألف مرة وما الضير.. مادمت غير راغب في زوجة أخري فامنحها الفرصة كي تخوض تجربتها الجديدة وإذا فشلت ستعلن هي عن رغبتها فيمن يأتي لمساعدة أطفالها وأظنها ستنجح أما أن تغامر الآن بزوجة علي غرار أبيك فتأكد أنك حالم لن تجدها فكما قلت لك تبدل الزمن وتبدلت نفوس الناس وثقافتهم. أما عن كيفية أن تعيد ثقتها فيك فبالبتدريج والحب والمعاونة دون تبرم منها امنحها المعاملة السابقة فقط دون محاولات للاشفاق منك ودعمها لتكون أقوي من تلك الاعاقة وتأكد أنها ستشفي من ألمها النفسي الذي سببته لها بعد حادث حرمها الحركة الطبيعية والانطلاق وهي مازالت شابة.. هون علي نفسك أيضا فالعبء ثقيل واطلب من يعاونك من الأقارب والاصدقاء من المقربين دون المزيد من التجريح فيها.. وليعينك الله علي هذا الابتلاء وتتخطوه جميعا وتنجح الأسرة دون الضرة الحنون.