منذ أن بدأ الحشد العسكري الروسي في سوريا جواً وبحراً والكلام لم ينقطع عن خطورة وقوع حرب عالمية ثالثة بسبب المواجهة المحتملة بين أمريكاوروسيا علي الأراضي السورية.. وذلك علي الرغم من التطمينات والشواهد الكثيرة التي تستبعد هذه الحرب وأهمها تأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن القوتين الأعظم لن يخوضا حرباً بالوكالة في الشرق الأوسط.. أي أنهما لن يتعاركا من أجل طرف آخر أو أطراف أخري أو نيابة عنهما.. والحديث المتكرر عن التنسيق والتشاور لضمان عدم الصدام بين الطائرات الأمريكية والروسية وغيرها في سماء سوريا المنكوبة. ويقيني أن أهم حلقة في التنسيق والتشاور هو ذلك الذي حدث علنا بين روسيا واسرائيل أثناء زيارة نتنياهو لبوتين في موسكو في الحشد الروسي.. واسرائيل هي قرون الاستشعار الأمريكية الأهم في المنطقة.. إذا رضيت عن روسيا فلن تغضب أمريكا مهما حدث. يقول المتوجسون من وقوع حرب عالمية ثالثة إن التصعيد العسكري الروسي في سوريا جعل العالم يقف الآن علي أطراف أصابعه.. خصوصاً مع شعور أمريكا وحلفائها بالمهانة بعد أن فشلت جميع فصائل المعارضة التي قامت واشنطن بتدريبها وامدادها بالسلاح في اسقاط نظام الأسد.. بينما ألقت روسيا بثقلها لانقاذ حليفها الأهم حتي لا تفقد أهم قاعدة عسكرية لها في المنطقة.. فهل يمكن أن يتجرع العم سام المهانة والهزيمة علي الملأ وعلي مشهد من الكون بأسره؟! يضاف إلي ذلك أن المحللين الأمريكيين يمارسون ضغوطا هائلة من خلال الصحف ووسائل الاعلام علي إدارة أوباما لكي يواجه الحشد الروسي بحشد أمريكي أوروبي مماثل حتي لا تفقد أمريكا حلفاءها في الشرق الأوسط والعالم.. يقول هؤلاء المحللون إن روسيا تعرف ماذا تفعل حين قامت بحشد قواتها في سوريا في حين أن أمريكا ضائعة تائهة هناك.. لاتعرف ماذا تفعل أو كيف ترد علي الصفعة التي تلقتها في أرض الشام.. والتي زادت بعد تدفق قوات برية إيرانية علي سوريا لمزيد من تثبيت أقدام بشار الأسد وإحكام قبضته علي البلاد وليضيع كل ما أنفقته الولاياتالمتحدة علي دعم معارضين هواة لايجيدون استخدام أبسط أنواع السلاح.. فهل تتجرع الولاياتالمتحدة مرارة كأس الهزيمة المذلة في سوريا.. بالطبع لن تسكت واشنطن ولن تستسلم.. وهذا ما ينذر بأن الأيام القادمة ستحمل المزيد من المؤشرات التي ستهدد سلام الشرق الأوسط إن لم يكن السلام العالمي. خبراؤنا في مصر مطمئنون إلي أن التنسيق بين القوتين الأعظم كفيل بأن يمنع أي تعارض قد يؤدي الي صراع عسكري بينهما.. خاصة مع إدراك الجميع بأن الوضع في سوريا معقد للغاية.. وأن مجرد اشعال الفتيل سوف يأخذ كل الأطراف الي الهلاك.. وبالتالي فإن المتوقع أن يؤدي الحشد الروسي الإيراني المتصاعد الي التعجيل بالوصول الي تسوية سياسية سلمية تنهي الصراع السوري بلا منتصر ولا مهزوم. وهذه التسوية النهائية في رأي خبرائنا لابد أن تضمن خروجا آمنا للأسد والطائفة العلوية وتضمن أيضا أن تكون روسيا جزءاً من العملية السياسية في المستقبل لتأكيد وجود قاعدتها العسكرية طرطوس.. وفي كل الأحوال ستكون اسرائيل هي المستفيد الأكبر من جراء هذه التسوية المتوقعة. إذن.. ليس هناك بديل ثالث.. إما الحرب الكونية الشاملة أو التسوية السياسية.. والذي سيقرر هذا أو ذاك ليس أصحاب الأرض وإنما هؤلاء الوافدون من الغرب ومن الشرق دفاعاً عن مصالحهم.. والذين نجحوا في أن يحولوا الصراع من صراع بين قوي سورية متعارضة ومن شعب يواجه نظاماً مستبداً إلي صراع بين القوتين العظميين بالوكالة.. وهم كثيرا ما نجحوا في ذلك بسبب عبقريتهم ولكن بسبب غباء أصحاب الأرض.