يمكن القول انه إذا أحب كاتب زمانًا ما. أو مكانًا ما. وأخلص في التعبير عنه. فإنه يقدم اعمالا متميزة. تنطق بالجدة والمغايرة. وتأخذ لنفسها موضعا يصعب إغفاله في مسار التراث الإنساني. ذلك ما فعله رواد الواقعية الطبيعية زولا وبلزاك وفلوبير في تناولهم لفترة مهمة من باريس القرن التاسع عشر. وذلك ما فعله الرائع جمال حمدان في تأمله لعبقرية المكان المصري. وما أبدعه استاذنا نجيب محفوظ عن قاهرته الفاتنة في خان الخليلي وزقاق المدق وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية. وغيرهم من الذين أخلصوا في التعبير عما أحبوه. فجاءت أعمالهم انعكاسا لهذا الحب. بحيث وجد القارئ فيها ما يحضه علي القراءة والمتابعة. من خلال صلة وجدانية تعينه علي استيعاب التكوينات والتفصيلات الصغيرة. فلا يغفلها وعيه ولا ذاكرته. ويعاود الرجوع إليها في قراءات تالية. الدكتور أيمن فؤاد سيد واحد من هؤلاء أحب القاهرة في تجلياتها الجغرافية والتاريخية والاجتماعية. وأخلص في التعبير عن ذلك كله من خلال كتب مؤلفة ومحققة. مثلت مغايرة حقيقية لكتابات سابقة ومعاصرة. بحيث لم أتردد في اهدائي المطبوع لروايتي "الجودرية" أن اقدمه له ممتنا. بوصفه عاشقا للقاهرة. احدث مؤلفات أيمن فؤاد يتحدث عن القاهرة: خططها وتطورها العمراني. الوصف المرئي. الكلمات عنوان المجلد الضخم الذي نسيت تعب المرض في تقليب صفحاته. بانوراما متكاملة لقاهرتنا الجميلة. منذ انشأها جوهر الصقلي حتي الآن. يعبر القلم عن المشهد القاهري في تكويناته المتلاحقة. سجلته خطط ما قبل المقريزي أهم كتاب الخطط وما بعد المقريزي. في كتابات كثيرة. عصور صنعت الملامح القاهرية منذ قدوم الفاطميين إلي العصر الحديث كما في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي. ووصف مصر لعلماء الحملة الفرنسية. والخطط التوفيقية لعلي مبارك. وغيرها. السرد المتأمل لحكايات القاهرة تضمنته كتب سابقة مهمة لأيمن فؤاد سيد. اللوحة والصورة الفوتوغرافية قوام هذا الكتاب. عشرات الصور تجتذبك إلي تجليات القاهرة. ممثلة في الشوارع والميادين والدروس والعطوف والبنايات والقصور والجوامع والزوايا والمزارات والخانقاوات والتكايا والمدارس والحدائق والمشربيات والبواكي والمقاهي. هذا كتاب يستحق أن يقرأ. وأن يقتني. ويجد لنفسه موضعا في مكتبات العالم. تأكيدا علي الاضافة التي تمثلها مؤلفات أيمن فؤاد سيد في الكتب المهمة للمؤرخين والجغرافيين والمعماريين وعلماء الآثار وعلماء الاجتماع في جامعات العالم.