لم يقنع "العامل" بما يكتسبه من مهنته.. كانت الجنيهات القليلة التي يعود بها يومياً بعد جهد شاق وعمل مضني تكفي بالكاد مصاريفه الشخصية وتوفر له المتطلبات الضرورية لحياته اليومية.. ضاقت بها السبل بزيادة دخله رغم الجهد الذي يبذله في عمله.. وعجز عن توفير جزء من دخله يساعده علي بناء مستقبله.. أو تحقيق أحلامه الصغيرة بتجهيز شقة وتأثيثها لتكون عشاً للزوجية.. يبدأ منها بناء حياة جديدة ويكون فيها أسرته الصغيرة. راح يبحث عن حرفة أخري تدر عليه مكاسب أكبر.. يحقق معها أحلامه التي عجز عن الوصول إليها أو تحقيق جزء منها علي مدي سنوات عمره وأيام تعبه في عمله.. وخلال رحلة البحث بين الورش والمهن المتنوعة.. تعرف علي بعض أصدقاء السوء الذين أغروه بالعمل معهم في ترويج الصنف لتحقيق أحلامه من المكاسب الكبيرة التي يحققها من خلال عمله معهم.. والأموال التي تنهال بين يديه من أرباح تجارته. استغرق "العامل" في التفكير ودراسة عرض أصدقائه لأيام وليال طويلة انتهت بالموافقة.. فقد وجدها فرصة سهلة لتحقيق أحلامه.. ووسيلة أكثر سهولة لكسب الأموال التي يبدأ بها بناء مستقبله الجديد. بدأ "العامل" رحلته في عالم الاجرام مع أحد تجار المزاج بترويج بضاعته بين أصدقائه من مدمني الصنف وأصحاب المزاج حتي تعلم كيفية اخفاء بضاعته وأنواعها والتعامل مع الزبائن.. بعدها راح يوزع كميات كبيرة لصالح "التاجر" بين تجار التجزئة بأحياء وقري المحافظة والعمال والتجار. مرت الأيام.. وتعلم "العامل" فنون المهنة وأصول تجارتها.. وتعرف علي صغار التجار وأنواع المزاج المتنوع ومصادر الحصول عليه وأسعاره.. وأصبح الذراع الأيمن للتاجر الذي وثق فيه وحظي باعجابه نظراً لخفة حركته وقدرته علي الهروب من أعين رجال الشرطة والأكمنة المختلفة. ذاع صيته وانتشرت شهرته بين أقرانه.. وتعددت جولاته في سوق المزاج ووصلت سمعته إلي رجال المباحث الذين أعدوا كميناً محكماً وتمكنوا من الايقاع به وبحوزته كمية من المخدرات كان في طريقه لتوزيعها بين عملائه ليسقط للمرة الأولي ويتم الزج به خلف القضبان لقضاء العقوبة الصادرة ضده بالحبس. مرت فترة العقوبة وتم الافراج عنه.. لكن سنوات السجن لم تردعه أو تثنيه عن استكمال مشواره في عالم الشيطان.. بل عاد إلي طريق الإجرام مرة أخري.. واستمر في عمله بترويج المخدرات.. خاصة أن الأموال التي اكتسبها خلال عمله أنفقها بين المحامين الذين تولوا الدفاع عنه.. وحاولوا البحث عن مخرج يخرج منه سالماً. في جولته الثانية.. اختار "العامل" أن يستقل بعمله بعيداً عن التجار الذين يحصلون علي ارباح تجارتهم ويتركون الفتات للصبية.. استغل علاقته بتجار المزاج وحصل علي كمية من مخدر الحشيش الذي اختار التخصص في تجارته وراح يروجها بين عملائه السابقين لحسابه الخاص وسدد ثمنها للتاجر.. بعدها اشتري كمية أخري من مكاسب صفقته الأولي وراح يتاجر فيها. مرت به الأيام.. وعقد العديد من الصفقات التي حظيت بالنجاح.. وحظي هو بمكاسبها لحسابه.. ورغم حرصه علي اخفاء نشاطه إلا أن عيون المباحث كانت ترقب تجارته وتمكنت من الايقاع به للمرة الثانية متلبساً بحيازة مخدر الحشيش لتعيده إلي الزنزانة مرة أخري. تعددت جولاته بين سوق المزاج.. وبين الزنزانة التي عشق الحياة بين جدرانها.. كلما أفرج عنه عاد إليها مرة أخري..كانت أخرها في الجولة الرابعة حينما تم الايقاع به في كمين وبحوزته كمية كبيرة من مخدر الحشيش ومبلغ مالي اعترف في محضر الشرطة بأنه من حصيلة تجارته في المخدرات.. وتليفون محمول اعترف بأنه لترتيب اللقاءات وعقد الصفقات. تحرر محضر بواقعة الضبط.. وأحيل إلي النيابة التي أمرت بحبس "العامل" 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيق.. جددها قاضي المعارضات 15 يوماً واحالته إلي المحاكمة بتهمة حيازة المخدرات والاتجار بها.. لعيود "العامل" إلي الزنزانة مرة أخري.. يكشف بعدها أن الأحلام التي عاش يسعي لتحقيقها مجرد سراب قادته إلي الهاوية.. ضيعت مستقبله وهدمت حياته.