من حق كل منا أن يضحك في سره. ونحن نتسلم من أمريكا 8 طائرات F.16 بلوك 52. ومن حقنا أيضاً أن نتساءل: لماذا الآن فقط. ولم يكن قبل عام أو شهر؟!! في رأيي أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء إفراج أمريكا عن هذه الطائرات التي جمدتها واشنطن ضمن حزمة المساعدات العسكرية بعد ثورة 30 يونيه 2013. والإطاحة بالإخوان: * انفتاحنا تسليحياً علي العالم عامة وروسيا خاصة.. والذي كان من ثماره وصول طائرات رافال الفرنسية بذخيرتها مؤخراً. وقرب وصول الفرقاطة الفرنسية "فريم" والغواصة الألمانية.. والأهم هو التعاقد علي مقاتلات "سو 35" الروسية. وصواريخ "إس 300" المتطورة من موسكو.. وهو ما جعل "الفئران" تلعب في "عب" أمريكا. * الإيحاء بأن علاقات البلدين مثل الزواج الكاثوليكي. وأن أحداً لن يحل محل واشنطن مهما تعكرت العلاقة.. وهي رسالة ضمنية لموسكو تقول لها فيها: مصر "بتاعتنا"!!!.... هاهاها.. * تقديم الطائرات "عربون محبة" لتحسين العلاقات بعد أن تأكدت أن الضغط علينا لن يؤتي بثماره. وأننا نسير في الطريق الذي رسمناه لأنفسنا. بدليل أن قناة السويس الجديدة اكتملت. وتُفتتح الخميس القادم بالأيدي والأموال المصرية.. و"عربون محبة" أيضاً قبل الحوار الاستراتيجي بين مصر وأمريكا غداً. والذي سيتناول قضايا إقليمية مصيرية. تعالوا نفند هذه الأسباب الثلاثة.. ونرد عليها بما يليق: * أولاً.. يجب أن تعلم أمريكا والعالم كله أننا لسنا "بتوع" أحد. ولن نكون. وأن علاقاتنا مع أي دولة عظمت أو صغرت تقوم في الأساس علي المصالح المشتركة.. وبالتالي فإن الرسالة الضمنية التي تحملها الطائرات الثماني. لا محل لها من الإعراب.. لا اليوم. ولا غداً. * ثانياً.. تنويع مصادر السلاح قرار استراتيجي لن نتراجع عنه.. لا يمكن أن نضع أصابعنا تحت "ضرس" أمريكا ثانية. حتي لو أعطتنا صواريخ نووية وليس F.16. * ثالثاً.. "عربون محبة"؟!!!.... OK ونحن قبلناه. وإن كانت الطائرات هذه من حقنا. وارجعوا لاتفاقية السلام.. لكن يجب أن تعي أمريكا عدة أمور بالنسبة للحوار الاستراتيجي: 1- إن رغبة مصر في أن تكون عضواً غير دائم بمجلس الأمن في إطار إصلاحه وتوسعته. هي أحد حقوقنا التي لا نستجديها. ولن نفرط في ثوابت من أجلها.. والمصالح المشتركة بين البلدين تحتم علي واشنطن مساندتنا في هذا الطلب المشروع. 2- إن الاتفاق النووي مع إيران إذا كنا قد أيدناه. فإنه لن يكون أبداً علي حساب أمننا القومي الذي هو خط أحمر.. و"عربون المحبة" لن يجعلنا نسمح لأحد بأن يضره أو يقترب منه. 3- لنا موقف معلن وثابت من الحرب علي الإرهاب وهو ألا تكون هذه الحرب انتقائية.. وبالتالي فإن "عربون المحبة" لن يجعلنا نوافق علي محاربة داعش في العراقوسوريا والتغاضي عنه في ليبيا.. وإذا أرادت واشنطن أن نحارب داعش ضمن التحالف. فليس لدينا مانع بشرطين.. الأول: أن تشمل هذه الحرب دواعش ليبيا أيضاً. والثاني: أن نشارك بقوات جوية فقط. وليس بجيوش برية. 4- باب المندب. أمن قومي مصري. و"عربون المحبة" لن يجعلنا نتواني في الدفاع عنه ضد أي قوي. سواء كانت حوثية مدعومة من طهران. أو إيرانية صريحة. أو أي "ملة" كانت. 5- موقفنا ثابت من الأزمة السورية. ويتلخص في استمرار وحدة الأراضي السورية. وبقاء مؤسساتها.. و"عربون المحبة" لن يجعلنا نغير هذا الموقف المبدئي.. نحن مع "الدولة" السورية. ولسنا مع أفراد أو أشخاص.. الحفاظ علي سوريا موحدة هو أمن قومي مصري. 6- نحن مع دول الخليج.. و"عربون المحبة" لن يجعلنا نغير موقفنا منها. أو نتغاضي عما يُحاك ضدها من مؤامرات.. أمن الخليج هو أمن قومي مصري. من كل ما سبق.. يجب أن يعي جون كيري. وزير الخارجية الأمريكية أننا نرحب بأي حوار استراتيجي بما يُثَمِّن مصالحنا المشتركة. ولا يتناقض مع ثوابتنا.. انسوا يا مستر كيري.