عن السيدة عائشة رضي الله عنها: أول ما بديء به رسول الله صلي الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله تعالي كرامته ورحمة العباد به: الرؤيا الصالحة لا يري رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح. بدأ رسول الله بالرؤيا لئلا يفجأه الملك بالرسالة فلا تتحمله القوي البشرية كانت الرؤيا تأنيسا له صلي الله عليه وسلم فأولي ما يؤتي به الأنبياء في المنام حتي تهدأ قلوبهم ثم ينزل عليهم الوحي في اليقظة وقد نزل القرآن كله في اليقظة تأكيدا لما يقال أو يراد. كانت الرؤية الصادقة ستة أشهر قبل نزول الوحي واقام الرسول بمكة - حين بعث - ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين يوحي إليه فمدة الوحي إليه في اليقظة ثلاث وعشرون سنة وقيل ان ابتداء الرؤيا في شهر ربيع الأول وهو مولده ثم أوحي إليه في اليقظة في رمضان أثناء جلوسه في غار حراء. وفي رواية للإمام ابي حنيفة ان أول نزول القرآن علي الرسول صلي الله عليه وسلم كان في سحر ليلة الاثنين السابع والعشرين من العمر واتفق الرواة في معني الحوار الذي دار بين الرسول وجبريل وان اختلفوا في اللفظ كما اختلف المفسرون في أول ما نزل من القرآن ثمة من رأي ان البسملة أول ما نزل مسترشدين بما كان بين محمد صلي الله عليه وسلم وبين السيدة خديجة يوم ان كان في الغار فقد قدم إليها مرعوبا يقول: اني إذا خلوت سمعت نداء فقد - والله - خشيت ان يكون هذا أمرا. فقالت السيدة خديجة: معاذ لله ما كان الله ليفعل بك فوالله انك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث فعاد إلي الغار وثبت وحين خلا ناداه الملك: يا محمد. قل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين.. حتي بلغ ولا الضالين. قيل ان أول ما نزل من القرآن سورة المدثر استنادا لما قاله جابر بن عبدالله الانصاري لما سئل: أي القرآن نزل قبل؟ قال: يا أيها المدثر. ونقل عن الرسول قوله: اني جاوزت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي ثم نظرت إلي السماء فإذا هو - جبريل - علي الفرس في الهواء فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي "يا أيها المدثر قم فأنذر". وتحدث الرسول صلي الله عليه وسلم عن الوحي كيف كان يأتيه. قال: ان جبريل يأتيني فيكلمني كما يأتي احدكم صاحبه فيكل ويبصره من غير حجاب ونقل عن الرسول قوله أيضا: كنت أراه أحيانا كما يري الرجل صاحبه ومن وراء الغربال. وقيل ان مدة فترة الوحي كانت اربعين يوما وقيل خمسة عشر يوما وقيل اثني عشر يوما وذهب ابن اسحاق إلي انها ثلاث سنين وقد أخذ السحار بالقول الذي تحدد بأربعين يوما لا لأن ذلك هو المشهور فحسب بل لأن أبا سفيان قد خرج إلي اليمن في تجارة قريش قبل البعثة وعاد منها بعد خمسة اشهر فوجد اصحاب محمد صلي الله عليه وسلم يعذبون ويضيف السحار انه لو كان حديث أبي سفيان صحيحا فلا يجوز ان تطول مدة انقطاع الوحي عن المدة التي استغرقها أبوسفيان في ذهابه إلي اليمن وعودته منها. كما نعلم فقد بشر النبي الكريم - من خلال ذلك كله - بالعبادة النزيهة عبادة الله وحده اله عادل لا فرق عنده بين أمة وأمة. ليس إله شعب دون شعب ولا فرق بين أسود وأبيض أمام عدالته فهو رب الناس جميعا. إله الناس جميعا لا ينظر إلي ألوان عباده ولا إلي عصبيتهم هو إله كل البشر يحاسبهم علي أعمالهم وهو الإله الذي دعا محمد صلي الله عليه وسلم إلي عبادته. للكلام بقية