في يوم السبت الماضي التاسع من يوليو الجاري كان جنوب السودان علي الموعد المنتظر لإعلان دولته التي طال انتظارها والتي ظهرت للنور طبقاً لاتفاق نيفاشا الذي وقعته الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان عام .2005 لكن ما هي تداعيات ظهور هذه الدولة الوليدة علي الوضع السياسي والمائي في مصر؟ الإجابة يؤكدها مصدر دبلوماسي مسئول بالقول إن الوضع في مصر لن يتأثر بالسلب لظهور الدولة الجديدة. مشيراً إلي أن مصر بدأت منذ أكثر من 5 سنوات علي العلم والتعاون مع الجنوبيين وتنفيذ مشروعات تنموية كثيرة في جوبا وصلت تكلفتها لأكثر من نصف مليار جنيه مصرياً. وعن الوضع المائي في مصر بعد الدولة الجديد تقول السفيرة مني عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية: إن الجنوب به فوائض مائية كثيرة ومن الممكن أن تستفيد مصر من هذه الفوائض في حال التعاون المثمر بين الطرفين وفي حال العمل علي تنفيذ مشروعات تنموية بالجنوب بما يكفل للجنوبون حياة كريمة في إطار من التعاون البناء والمتبادل بين الجانبين. تقول مصادر مطلعة إن الفوائض المائية في الجنوب السوداني تصل إلي حوالي 10 مليارات متر مكعب. مشيراً إلي أن جوبا ليست في حاجة ملحة إلي هذه المياه خاصة أن بها مصادر مائية أخري غير النيل تتمثل في الأمطار الغزيرة. ومن ثم فإن علي مصر أن تعي جيداً كيفية الاستفادة من الوضع الجديد في جوبا. كانت مصر قد أعلنت اعترافها رسمياً بجمهورية جنوب السودان. وشاركت بوفد رفيع المستوي في الاحتفالات التي شهدتها جوبا يوم السبت الماضي برئاسة نائب رئيس الوزراء د.يحيي الجمل ووزير الخارجية محمد العرابي ود.حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة. أكدت مصادر دبلوماسية أن مصر حريصة علي دعم وتعزيز العلاقات مع جنوب السودان. ومواصلة الدور المصري في تقريب وجهات النظر بهدف تسوية المسائل العالقة بين شمال السودان وجنوبه. وبما يؤمن علاقات جيدة ومستقرة بينهما في مختلف أنحاء المنطقة. وتعتبر دولة جنوب السودان معبراً ل 28% من مياه النيل كما أن 45% من مساحة حوض النيل تقع في منطقة الإقليم الجنوبي بحدوده الحالية. ووفق هذا الأساس فإن بعض المراقبين أكدوا أن الوضع الجديد بظهور دولة جديدة يعد أمراً غاية في الأهمية بالنسبة لمصر التي يجب أن تتعامل بحذر من الوضع الجديد. كثير من المراقبين والخبراء يؤكدون أن سلفا كير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان. يؤكد حرص الجنوب باستمرار علي وصول المياه إلي مصر. وفقاً لاتفاقية عام 1929. وأن حصة الجنوب من المياه هي ضمن حصة السودان "5.18 مليار متر مكعب" أو تظهر الحقائق الجيولوجية عدم وجود أي تأثير انفصال جنوب السودان علي مصر أو علي حصة مصر من مياه النيل "5.55 مليار متر مكعب". لكن رغم هذه التأكيدات إلا أن الخبراء يؤكدون أن التحدي ربما يأتي من شمال السودان وليس من الجنوب حيث من المتوقع أن يؤثر الفاقد من موارد النفط في شمال السودان بعد انفصال الجنوب علي موازنة السودان في الأعوام المقبلة. الأمر الذي سيدفع الدولة بالتوجه أكثر نحو الزراعة والصناعة. وبالتالي تتزايد الحاجة أكثر للمياه. بعض الخبراء يتوقعون اتجاه السودان للبحث عن المليار ونصف المليار متر مكعب التي تذهب سنوياً كسلفة إلي مصر. وبهذا تجد الدولتين المتحدتين "مصر والسودان" نفسيهما أمام دول المنبع في مواجهة تحتمها مصالح ملحة تفرضها احتياجات الشعوب لأهم مصدر للحياة. إن السودان شمالاً وجنوباً ليس به مشكلة مياه وليس من المتوقع أن يحدث صراع أو خلاف نتيجة الاحتياج المائي لأي منهما. إلا إذا تم استخدام الموارد المائية كذريعة للحصول علي مكاسب سياسية أو اقتصادية أخري. جنوب السودان لا يحتاج لمياه النيل حيث يتمتع الإقليم بالأمطار الغزيرة. ذات التوزيع المتجانس مكانياً وزمانياً كما يتمتع بالسهول الفيضية الواسعة. والحاجة الوحيدة للنيل بالنسبة للجنوب هي أقل من نصف مليار لأغراض الشرب. ويمكن تعويض ذلك من المياه الجوفية المتجددة. وبالتالي فإن التعاون والتعامل الجديد في المستقبل بين القاهرةوجوبا هو الذي سيحدد المستقبل المائي لمصر. من ناحية أخري أكد د.سعد نصار مستشار وزير الزراعة أن علاقتنا مع السودان علاقة متميزة لما فيها من روابط أخوية.. لكننا مع إرادة الشعوب وهي التي تقرر مصيرها. أضاف أننا علي استعداد للتعاون مشيراً إلي أن الوزارة سوف تقوم بإيفاد بعثات تدريبية إلي "جوبا" خلال الأيام القليلة القادمة تدريب المهندسين الزراعيين والباحثين علي طرق الزراعة الحديثة. قال د.نصار إن علي مصر واجبات تجاه بناء الوطن سواء في الجنوب أو الشمال وأنها لن تتخلي عن دورها الإقليمي في مساعدة أبناء الوطن. أوضح أنه تقرر أيضاً منح الدارسين الجنوبيين منح في المركز الدولي بالوزارة لاكتساب الخبرة اللازمة. أكد د.نصار ان انفصال الشمال عن الجنوب لن يؤثر علي الحصة المائية سواء لمصر أو السودان حيث إن مصر والسودان دلتا مصب وليست منبعاً ولكننا سوف نقوم بعمل آليات جديدة من شأنها التنسيق بين الدولتين لما فيها من مصلحة السودان جنوبه وشماله.