ما إن ينتهي العام الدراسي ويبدأ الشباب للتخطيط للاستمتاع بالإجازة الصيفية. فمنهم من يري الصيف متنفساً لنفض غبار العام كله. ويتعامل مع الإجازة علي أنها فراغ ممل يجب سده ولو باللهو غير المباح. ومنهم من يستغل الإجازة في إدراك ما فاته في زحمة الدراسة والاستذكار. وصقل النفس بمهارات وقدرات ما كانت لتكتسب لولا إجازة الصيف! وإجازة هذا العام شكل تاني ومختلفة تماماً عن الأعوام الماضية لأن هذا العام شهد ثورة 25 يناير المجيدة وشهد أيضاً توتراً في بعض الأماكن التي يقضي فيها الشباب إجازاتهم الصيفية سواء "الإسكندرية وشرم الشيخ والسويس" وغيرها من المدن. في البداية يقول هشام حلمي ننتظر الصيف لنخرج مع الأصدقاء ونستمتع بالمصايف والرحلات والألعاب الالكترونية. وغرف الدردشة دون أن يحاسبنا أحد. بعد عناء المذاكرة.. والخروج إلي ميدان التحرير إذا تطلب الأمر ذلك للمشاركة في المطالبات المشروعة والتواصل علي الفيس بوك مع الأصدقاء والجروبات. أحمد القاضي أقضي الإجازة في بطولات مراكز الشباب الرياضية. ومشاهدة التليفزيون لمتابعة المسلسلات الشيقة. وكذلك البطولات الرياضية المحلية والعالمية. خاصة كأس العالم التي نستمتع بها الآن. وأيضاً متابعة ما يجري من مناقشات في مؤتمر الوفاق الوطني وغيرها من ائتلافات الشباب المختلفة للوقوف علي آخر تطورات الأوضاع في مصر. أما رضوي محمد "طالبة بالأزهر" فتقول: الصيف فرصة لتبادل الزيارات مع الأقارب والأصدقاء الذين لا نستطيع رؤيتهم في موسم الدراسة. كما ننتهز فرصة الإجازة لاكتساب مهارات أكبر في الكمبيوتر الذي أصبح لغة العصر. أما عن رأي الدين فيوضح أحمد صلاح- إمام وخطيب الأوقاف- أن الإسلام لا يعرف الفراغ. فكل الأوقات يتقلب فيها العبد ما بين عبادة وفرائض ومعاملات. حتي الترفيه واللهو المباح يعد تعبداً لله إن أخلص العبد النية واتخذه وسيلة يتقوي بها علي طاعة الله. وهذا أهم ما يجب أن يعيه الشباب جيداً. وهو إدراك أهمية وقيمة الوقت. وأن المسلم الحق هو الذي يمتثل لحديث النبي صلي الله عليه وسلم عندما قال: اغتنم خمساً قبل خمس ومنها "فراغك قبل شغلك. وشبابك قبل هرمك" فالشباب والفراغ صفتان لصيقتان بالإنسان لا يجوز تضييعهما لأن ما يمر من وقت الإنسان لن يعود إلي قيام الساعة. يوضح صلاح أن ذلك لا يعني أن الإسلام يعارض الترفيه والترويح عن النفس. لكنه يتيح ذلك بما يتوافع مع ضوابط الشرع فيقول أحد الصالحين "لا يضرك مرح النفس ما لم ترض بالعيب. أو تصر علي الذنب" فلا مانع من اللهو المباح والمزاح الحق البعيد عن الكذب. وكسر الخواطر وجرح المشاعر. كما أن أفضل ما يروح به المرء عن نفسه هو "ذكر الله" لقوله صلي الله عليه وسلم: "روحوا عن القلوب فإنها تصدأ.. قيل: وما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: جلاؤها ذكر الله". يلفت صلاح النظر إلي أن فترة الإجازة الصيفية للشباب فرصة لتنمية المهارات العقلية والبدنية التي تنفع وتعود بالخير علي الفرد والأمة. وعلي القلوب والأبدان. مثل ممارسة الرياضات والتنزه البريء. والرحلات البعيدة عن الاختلاط والابتذال. بل الإسلام يشجع علي تعرف الإنسان علي حضارته وجمال الطبيعة حتي يتسني له شكر الصانع المبدع عز وجل. الصيف أيضاً فرصة لصلة الأرحام البعيدة مكانياً وزيارة الأصدقاء والمرضي وذوي الحاجات ومد يد العون لهم. وتوطيداً لأواصر التواصل الاجتماعي. كما يجب ألا يفوت الشباب والنشء مجالسة الكبار والشيوخ وأهل الحكمة والخبرة لاكتساب المهارات وخبرات الحياة. ويجب ألا ينسي الشباب حظه من الدين. في حفظ القرآن الكريم وقراءة الأحاديث والسيرة والتراجم وأن يهتم بدروس العلم ومصاحبة الأخيار الذين يعينونه علي الخير. أشار إلي أن الصيف يعد فرصة ذهبية للشباب للقضاء المبكر علي آفة البطالة. وذلك بأن يلتحق الشباب بحرفة معينة يتعلمونها في الصغر ويجيدونها في الكبر. حتي إذا ما تخرج الشباب لا يطارده شبح البطالة المدمر. ويا حبذا لو تدرب الشباب في الصيف عملياً علي ما يؤهله إليه تخصصه كأن يكون مهندساً أو فنياً أو إعلامياً. فلو مارس هذه المهن "كمتدرب" في أثناء إجازات الصيف لتميز- بلا شك- علي أقرانه غير المتدربين. ويعد ذلك نوعاً من الأخذ بالأسباب للحصول علي عمل بعد التخرج. ويحذر د. محمد علي أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان الشباب من التعامل السلبي مع إجازة الصيف. كاللهو غير المباح. والوقوف علي النواصي والطرقات لمعاكسة الفتيات. أو الاختلاط غير المبرر بهن. أو قضاء أوقات فيما يغضب الله كالجلوس علي المقاهي أو مشاهدة الأفلام الإباحية أو ارتياد غرف الدردشة والنت بما لا يحقق مصلحة أو فائدة.