العنوان اعلاه مثل شعبي عرفناه وسمعناه منذ أن وعينا علي الدنيا. وكما هو واضح يجسد قيمة أخلاقية ودينية وإنسانية لا ينبغي عدم التفريط فيها إلا إذا كان "الشرف" لا يعني شيئاً.. لكن يبدو أن مثل هذه "الأمثال" العاكسة لأصالة وثقافة الشعب المصري موضة قديمة لا تعترف بها ولا تقرها الدراما التليفزيونية.. علي العكس فقد يخيل إلي وأنا استحضر هذه الأمثال التي تعكس مفهومنا عن المرأة المصرية وجوهر صورتها في الوجدان الجمعي أنني اكتب عن مجتمع آخر بعيداً عن ذلك الذي تقدمه الأعمال الدرامية أو الغالبية العظمي من الانتاج الدرامي. فلو استحضرنا الصور الكثيرة للمرأة المصرية كما تظهرها الأعمال الدرامية التي نشاهدها خصوصاً في السنوات القليلة الماضية سنجد بكل أسف أنها تضمنت نماذج للمرأة بعيدة عن واقعها اليومي. وشاذة بالنسبة للسواد الأعظم من النساء. المصريات والعربيات بشكل عام.. صوراً مؤذية ومعيبة تشوه دون رحمة صورة المرأة. في فيلم "هز وسط البلد" للمخرج محمد أبوسيف من انتاج 2015 لا توجد امرأة واحدة. حتي المرأة العربية إلا "وتأكل بثديها" كلهن مشروعات جاهزة في سوق "الدعارة" ونفس الشيء في كثير من الأعمال الدرامية التي عرضت في السنة الماضية وأتوقع أن تظل نسبة "المرأة التي تأكل بثدييها" كبيرة ومشينة وتضع جميع النساء في مأزق أخلاقي حتي وهن يتابعن هذه الأعمال وكمتفرجات إنها ذات الأعمال التي تمهد الأرض وتحرثها لظهور أجيال جديدة من "التكفيريين" خصوصاً وأن الأجيال القديمة منهم مازالت علي قيد الحياة ويقظة لمصالحها وإستئصالها لا يعني اختفاء جذورها الفكرية وانتشارها تلمحه حتي في دور "العبادة" التي بدأ بعضها يجذب أجيالاً صغيرة بدعاوي ممارسة الرياضة. والقيام برحلات إلي جانب دروس وتحفيظ القرآن. وهل يستطيع أحد أن يعترض علي الرياضة والرحلات وحفظ القرآن؟؟ بالطبع لا.. ولكن.. لو تأملنا كيف تغلغل الأصولية الإسلامية والتطرف الإيدلوجي الذي اثمر جماعات العنف وأوصلها إلي المستوي الذي يمثله "الدواعش" سنجد أن استخدام "الدين" كان هو الجسر الآمن إلي وجدان وأفكار الشعوب الإسلامية التي تأمن لرجل الدين وتسلم له ولا ترتاب في نواياه حتي تكشفت الطبيعة الهدامة والمعادية للحضارة وللحداثة وللفنون والدين. الناس الآن أو النسبة الأعظم منهم ادركت جوهر هذه الجماعات بعد أن قدموا الشهادات الدافعة علي دمويتهم وعداءهم المفرط للتقدم وللدولة الحديثة.. وأصبح لزاماً من أجل الاستمرار أن يلجأوا إلي أساليب مختلفة ترتدي أقنعة الحداثة وتدعي اهتمامها بالبنية الجسمانية والعقلية للأجيال الجديدة وكما تدعي اهتمامها بالفنون واستخدامها لها. ودخلت الدراما التليفزيونية ضمن الأسلحة القوية في معارك هدم الشعوب ومحو مقوماتها الثقافية وميراثها الأخلاقي وصار استخدام "المرأة" في هذا الصراع واضحاً.. إنها نصف المجتمع والمسئولة عن انتاج نصفه الآخر. وتجريدها من القيم وإقصاؤها عن ادوارها الطبيعية كأم فاعل في بناء الأسرة. ورعاية الابناء والزوج بالاضافة إلي مشاركتها الفعالة في مجالات السياسة والاجتماع والطب. الخ.الخ. أن مضامين الأعمال الدرامية تجرنا إلي سؤال لن نمل من تكراره: هل يدرك أصحاب رءوس الأموال حجم التخريب المعنوي والأخلاقي والقيمي الذي يمكن أن تحدثه الأعمال الدرامية التي تختزل المرأة في "جسدها" ومواهبها الأنثوية التي تكافأ عليها بعدة ملايين كأجر مقابل تجسيدها للشخصيات المنحرفة التي تكرس الانحلال والفساد وتجعل المرأة مجرد سلعة في "السوق" الذي يسيطر عليه الرجال؟. معظم الأعمال الدرامية التي شاهدناها في المواسم السابقة بعد ثورة 25 يناير و30 يونيه لم تتناول المشكلات الملحة التي عاشها الشعب المصري. ولم تعالج الهزات العنيفة التي تعرض لها. ولم تواجه الجهل والخرافة والإتكاء علي السحر و"العمولات" بقدر ما وظفت هذه التشوهات المتجذرة من أجل الترويج والدعاية الضمنية المضادة. ومنذ فترة ونحن غارقون "دراميا" في قصص الخاجين علي القانون من النساء والرجال.. في المخدرات والادمان والعنف والبلطجة وقصص الصعود الاجتماعي غير المشروع. وجرائم القتل واساطين الفساد في الجبال والوديان وفي شمال وجنوب وسواحل البلاد.. وجلبهم رجال اقوياء وجذابون. القضايا الحقيقية غائبة والهموم الاجتماعية الملحة تختزل في موضوعات مكررة وتقليدية وكذلك مظاهر الإرهاب التي راح ضحيتها مئات من ابناء الشعب ورجال أمنه وحراس حدوده. بعد أيام تبدأ امبراطورية الدراما في فرض سطوتها علي البيوت. وتحتل أوقات الفرجة ساعات طويلة من النهار والليل.. وسوف تستمر طقوس الفرجة طوال الشهر جنباً إلي جنب الطقوس الدينية. وصلاة التراويح والسهر حتي أذان الفجر.. فالناس في هذا الشهر الفضيل تصلي الفرض وفي نفس الوقت تنقض الفريضة بالتفاعل مع أعمال تنتهك آدميتها والقيم الأخلاقية التي تؤمن بها وتدنس في نفس الوقت الصورة الانسانية لأكثر من نصف المجتمع. فهل نحن مصابون بانفصام. واذا كنا بعيدين عن ذلك المرض فكيف تروض هذه الصناعة الضخمة والمؤثرة جداً في المشاعر وفي مدارك الصغار والكبار في تشكيل الصورة التي يتم تصديرها للآخرين؟ كيف نروضها حتي تصبح قوة دافعة في تنمية المجتمع؟؟.