لأن الكاتبة- التي لا أذكر اسمها- اسرفت في الهجوم علي مناقشتي لدور المسرحي والصحفي القديم يعقوب صنوع في حياتنا السياسية المصرية. فقد تصورت- اعترف!- ان في حياة الرجل ما لا اعرفه. ولا فطنت إليه. فجاءت شهادتي ناقصة. أو أميل إلي التجني. ومع ان الكاتبة ادعت لجوئي إلي مراجع لم أرجع إليها. وقالت آراء لم أقلها. ورغم ان مراجعي كانت لمبدعين ونقاد أثق في جديتهم. مثل لويس عوض وصلاح عبدالصبور وفاروق عبدالقادر ويوسف نجم وغيرهم. فضلاً عن اجتهادي الشخصي. فإني التمست العذر للكاتبة في أنها- ربما- تملك من الوثائق ما يضع كل الاجتهادات في دائرة الخطأ. وكانت مؤاخذتي علي بعض العبارات التي تنتسب إلي لغة الردح والشتم. لكن مجلة "مسرحنا" التي تصدر عن هيئة قصور الثقافة. ويرأس تحريرها الزميل يسري حسان. طالعتنا مؤخراً بدراسة جادة عن يعقوب صنوع. اعتمدت علي الوثائق والمخطوطات والبيانات الاصلية. فرأت في الرجل ما حاولت الكاتبة- لسبب لا أفهمه- أن تنفيه. الدراسة تطلب مراجعة كل ما صدر من كتب ومؤلفات عن صنوع. وتصحيح تاريخ المسرح المصري لكل الدارسين. وإلغاء ما صدر خطأ من حلقات تليفزيونية تمجد بها مؤامرة عم يعقوب. تشير الرسالة إلي انه لايوجد أية اشارة عن صنوع كرائد مسرحي. منذ عام 1870 وحتي عام 1911. والسبب أن يعقوب صنوع- نفسه- هو المصدر الوحيد لكل ما كتب. خصوصاً ريادته للمسرح العربي في مصر. وأن معظم الاسماء اللامعة في النقد والتاريخ والمسرح تحدثت في الفترة من عام 1895 إلي 1953 بأقوال صريحة عن ريادة سليم النقاش للمسرح العربي في مصر دون أن تذكر يعقوب صنوع كمسرحي بأية إشارة.. وهنا أسماء تحدثت في الصحافة والدين والتاريخ. وفي الفترة من 1878 حتي 1950 عن صنوع كصحفي فقط دون الاشارة إلي أي نشاط آخر له. وخصوصاً نشاطه المسرحي في مصر إلخ.. وفي تقديري أن هذه الدراسة التي عرضت لها "مسرحنا" تدعونا ليس إلي مجرد مناقشة دور يعقوب صنوع في حياتنا السياسية والثقافية- وأخطرها- كما أشارت كتابات كثيرة- تأييده لقيام دولة صهيونية في فلسطين. من قبل أن تبدأ مخططات قيام تلك الدولة لكن الدراسة تدعو إلي مناقشة الادوار المختلفة لشخصيات اسهمت في الحياة المصرية إيجاباً وسلباً واكتفينا- عند تناول تلك الادوار- بسلفية غريبة تجد كل خير في اتباع من سلف. وكل شر في اتباع من خلف. فلا مجال لتقليب الاوراق. ولا محاولة الاجتهاد. واستخلاص النتائج التي ربما تكون مغايرة لما ألفنا ترديده. والحق ان المرجع للمناقشة مثلما هو للافادة من المعلومة الموثقة. أما الاكتفاء بالنقل فإنه يعني الاكتفاء بترديد أقوال ثابتة. دون محاولة للتأمل وتقليب وجهات النظر. والخروج بآراء موضوعية وفق منهج علمي محدد. التاريخ يحتاج - دوماً- إلي إعادة نظر.