فيلم كرتون عن القائد العسكري العربي المسلم عقبة بن نافع "ا ق ه - 63ه" جعلني أجلس أمام شاشة التليفزيون صباح أمس السبت. وأنسي متابعة الخبر الشيق والمثير الذي وجدت مع بداية اليوم علي الانترنت حول اختفاء الأمير القطري "تميم بن حمد" وغيابه عن المشهد لمدة اسبوع دون تفسير لهذا الغياب. لم أكن قد شاهدت الفيلم. ولم اتابعه من البداية حين فتحت التلفزيون ولكنه موجود علي اليوتيوب فيلم جيد من حيث المستوي ولكن من دون مقارنة مع افلام والت ديزني أو الافلام اليابانية التي حققت طفرة كبيرة فنية في العقود الاخيرة. من المهم وجود هذه النوعية "أفلام الكرتون" والأهم ان يتم انتاجها بدوافع واموال عربية بدلا من الأفلام الغربية التي قامت علي مدي قرن من الزمان بتشكيل خيال الاطفال في العالم كله قبل ان تنتبه الدول لاهمية ذلك في تربية النشء ومن ثم تحاول ان تنتج اعمالا تعبر عن ثقافتها. الفيلم يتوجه للأطفال والكبار بطبيعة الحال. ويقدم جزءا من تاريخ الفتوحات الاسلامية وبطلا عربيا مقداما له باع كبير في هذه الفتوحات ولكنني لاحظت وهذا ما شدني الي متابعته انه يتضمن مشاهد عنف تذكر بقطع رءوس الاعلام وتلوح بغواية المال وبالفتيات الحسان في الخلاص من القواد علي الجانبين "الكفار" والمجاهدين المسلمين. تسمع في الحوار: من يقتل أمير المسلمين فله ألف دينار ومكافأته بالحسناء الجميلة ابنتي أجمل الجميلات. وفي الحال يرد واحد من المجاهدين: ايها المسلمون من يقتل جرجير "ملك البربر" سوف اكافئه بألف دينار وأكافئه ببنت جرجير!! وبعد اعلان مقتل "جرجير" يرد المجاهدون أغنية الحق أحق أن يتبع وأن العودة إلي دين الله لابد ان يتحقق باعتبارها الحق. فمن اجل استكمال الفتوحات الاسلامية سالت دماء كثيرة علي ايدي "المجاهدين" ومن اجل الخلافة وهي "الحق" لابد ان تطير رؤوس الكفار المعارضين للدعوة. وفي الظروف التي نعيشها حاليا حيث تحتل "داعش" الصفحات الاولي في وسائل "الميديا" وتحقق انتصارا علي الارض بقطع الرءوس بما في ذلك رءوس المسلمين باعتبارهم "كفار". أقول في هذه الظروف يمكن إساءة استقبال فيلم "عقبة بن نافع" الذي قاد معارك الفتح في شمال افريقيا وحقق انتصارات واسعة ويمكن تفسير "العنف" باعتباره فريضة وكأنه "حق" رغم ان السياق مختلف وكذلك الظروف. ان الغرض المعلن من انتاج هذه السلسلة من افلام الرسوم حول القادة المسلمين الذين حققوا انتصارا للاسلام في سنوات الدعوة المحمدية الاولي وايضا في التاريخ الاسلامي عموما مثل الناصر صلاح الدين وطارق بن زياد وعقبة بن نافع والغرض هو تقديم دروس يستفيد منها الاطفال والاجيال التي تعيش في عصر السماوات المفتوحة وتقتات معنويا وفكريا علي الانتاج الغربي الذي يوجه بالضرورة لنشر الثقافة الغربية. والقيم التي تؤمن بها البلاد هناك. والسوق الفني يفتقد بشدة الي الانتاج العربي الذي يخاطب اجيالا تتأثر بالضرورة بالمناخ الثقافي والبيئي الذي لم يعد من الممكن السيطرة علي معطياته. والأهم انه اصبح من المستحيل اختفاء الاعمال المصورة اليومية المنقولة عبر قنوات البث بما تتضمنه من اشكال الترويع والعنف. ومنها ما هو موجود علي شبكة الانترنت. ان بعض صور المعارك في فيلم عقبة بن نافع تذكرنا دون قصد حسب ما اعتقد ببعض افعال.. داعش "الدولة الاسلامية في العراق والشام" وقد يفلح الفيلم في تأجيج هذه المقارنة بل انه افلح وأنا اتابعه في طرح السؤال: لماذا ينجذب الشباب ومنهم من نال قسطا من التعليم ومن عاش في بلاد غريبة وعايش ثقافة هذه البلاد. لماذا ينجذبون وينضمون الي "داعش"؟؟ ولماذا لم تفلح الافلام الوحشية التي تسجل نشاطهم الترويعي الوحشي في وصم هذه الجماعات وتنفير الناس منها؟؟ والسؤال الاكثر إلحاحا: لماذا يجد الغرب "امريكا واوربا" في هؤلاء "المسلمين المجاهدين" سلاحا اقوي وأنفذ لتحقيق السيناريو الخاص بالفتوحات الغربية للبلاد الاسلامية وتستعين بأصحاب نفس الايديولوجية التي آمن بها المسلمون الأوائل؟؟ ** "الكرتون" سلاح ذو حدين ومن المهم ان نلتفت لما يحتويه من رسائل وما يتضمنه من دلالات!!