هل تعرفون من هو الإعلامي شريف الحطيبي ؟. إنه أحد المتميزين الذين صافحوا وجوهنا كقارئ نشرة علي شاشة قناة النايل تي في المصرية التي تبث برامجها باللغة الإنجليزية. وحين أراد أن يخرج طاقته ويكون ضمن هؤلاء الذين يقدمون البرامج الحوارية وضعوا في طريقه المطبات والحفر والأحجار الكثيرة لكي يتعثر ويفتر حماسه بل ويصاب بالإحباط. ثم ليترك الجمل بما حمل ويهجر التليفزيون المصري بأكمله لأصحاب الحظوة الذين يتحكمون في كل شئ بداية من الحوافز والبدلات والمكافآت إلي آخر كافة الامتيازات المالية وغير المالية. هل تعرفون من هو الإعلامي شريف الحطيبي؟. إنه أحد العقول المصرية الذكية الموهوبة المهاجرة إلي الداخل. إذ ليس شرطا أن تكون تلك العقول مهاجرة إلي الخارج. فكم من شبابنا الذين أصابهم الإحباط من جراء ما يواجهونه من حرب غير شريفة لتهجيرهم من أماكنهم التي يسروا إليها- وكل ميسر لما خلق له - آثروا السلامة وابتعدوا حتي لا تجبرهم تلك الحرب علي التنازل عن قيمهم وأخلاقهم ومبادئهم التي تربوا عليها. لكن ما يثلج الصدر أن هذا الإعلامي تلقفته إحدي القنوات الخاصة بعد أن كاد يتجه اتجاها مغايرا تماماً للعمل الإعلامي ويختار مشروعا لا علاقة له بالشاشة. أمام قسوة الحياة ومتطلبات المعيشة. وها هو الآن إعلامي ناجح تنتظره الملايين من الجماهير كل يوم وبرنامجه يبث ثلاث مرات يومياً. ليقدم في النهاية نموذجا طيبا لإنسان ناجح ثابر وصبر وكافح من أجل أن يحقق وجوده ويؤكد موهبته الإعلامية التي لم يعترف بها التليفزيون المصري. السؤال الذي يفرض نفسه: كم عقل هاجر من موقعه إلي آخر داخلياً بسبب ماعاناه من حرب وما واجهه من ألاعيب أعداء النجاح؟. وكم إنسان موهوب آثر السلامة وترك الحلبة حتي لا يظل يدور في ساقية وتدهسه رحي الصراع علي المكاسب المادية والمصالح الخاصة الضيقة؟. وكم شخص خسرناه في موقعه لأننا لم نمنحه أبسط ما يعزز به موهبته ولم نمنحه الفرصة ليبتكر؟. إننا مسئولون بكل المقاييس عن هجرة كل تلك العقول والمواهب التي تجبر قسرا علي ترك مواقعها. ومسئولون عن أولئك الذين يصابون بالإحباط ويتحول حماسهم إلي يأس وفقد الأمل في أن يتغير الحال؟. ومسئولون عن أحلام تذهب هباء في زحمة الحياة. وعن مواهب تموت في ظل الصراع والحرب علي القصعة. وعن انتماء كان في يوم من الأيام يسكن القلوب والصدور ثم يتحول بفعل التربيطات التحتانية إلي قنبلة موقوتة. تكاد أن تنفجر في كل وقت وكل أدان منذرة بكوارث لا حصر لها. متي بالله عليكم ننظر بمعيار مصلحة الوطن؟