شهدت السنوات الأخيرة تدهوراً ملموساً في البرامج والأغاني والأعمال التي تنتج خصيصاً للطفل المصري في الوقت الذي خصصت فيه بعض الدول العربية قنوات خاصة للطفل وهو الأمر الذي أدي إلي اختفاء هوية الطفل المصري واندماجه مع المواد الإعلامية التي تقدم باللهجات غير المصرية فاختفت أغنيات "ماما زمانها جاية" و"ذهب الليل" و"توت توت" و"الشاطر عمرو" و"البحر سمكة" وأجمل أغاني محمد ثروت وليلي نظمي وصفاء أبوالسعود وماما نجوي وبقلظ وبوجي وطمطم وبكار وغيرها وظهرت بديلاً عنها أغاني قناة طيور الجنة وMBC3 والجزيرة أطفال وطيور العراق وغيرها. "المساء" حاولت الوقوف علي أسباب ذلك التأخر في محاولة لاحتواء الموقف وإنقاذ عقلية وهوية أطفال مصر من الانهيار ومعرفة أسباب عدم اهتمام الدولة واتحاد الإذاعة والتليفزيون بإنشاء قناة خاصة موجهة للأطفال في ظل غياب دور وزارة التربية والتعليم والمجلس القومي للطفولة في هذا الشأن. الحل الوحيد في البداية قالت الإعلامية فضيلة توفيق "أبلة فضيلة": تكمن الأزمة في صناعة برامج الأطفال في مصر التي تراجعت في السنوات الأخيرة في الوقت الذي تطورت فيه دول الشام والخليج وقد كان لدينا هامات فنية كبيرة تستطيع أن تغزو العالم العربي لكنهم لم يجدوا يد العون التي تساعدهم في إبراز أفكارهم النيرة. أضافت: لا أدري علي من ألقي اللوم.. هل علي الدولة أم علي الفنانين ولا أدري ما السبب الحقيقي في اختفاء الفنون التي تقدم للأطفال وأعتقد أن الحل الوحيد لتجاوز تلك الأزمة أن نقوم بإنشاء فرق علي مستوي عال وإنتاج مسرحيات وأويريتات غنائية للأطفال يكون بعضها باللغة العربية الفصحي وبعضها الآخر باللهجة المصرية العامية مع الوضع في الاعتبار أن التحديات التي سيواجهها صناع هذه الأعمال أكبر بكثير مما كنا نواجهه في السابق بسبب انتشار الفضائيات والإنترنت التي تسهل للطفل التواصل مع الأغنيات الغربية والشامية ولابد من رقابة الأسرة علي ما يشاهده أطفالهم. قال د.صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة : الوضع المتردي الذي وصلنا إليه في صناعة أعمال الأطفال تسأل عنه الإدارات السابقة التي كانت تهتم بتعدد القنوات دون أن تنتبه لأهمية وجود قناة للأطفال تحافظ علي هويتهم وثقافتهم علي الرغم من أننا في مصر نمتلك العديد من الخبرات والكوادر التي تستطيع أن تعد وتنفذ برامج عديدة للأطفال علي مستوي جيد غير أن الموارد المادية تحول في كثير من الأحيان دون تحقيق ذلك. أضاف: لابد أن ندرك قيمة تنشئة الأطفال التي تخلق جيلاً مثقفاً واعياً ذا هوية وطنية لذلك أري أنه من الضروري إنشاء قنوات للأطفال تتوافر بها الإمكانيات والكوادر والأفكار الجديدة واستخدام التكنولوجيا الحديثة كما تفعل بعض الدول التي تخصص قنوات للأطفال منها MBC3 وطيور العراق والجزيرة للأطفال مع إعادة صياغة الاهتمام بالأجيال الصاعدة. أصعب الأعمال أما علي عبدالرحمن مستشار رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ورئيس قطاع القنوات المتخصصة سابقاً فيقول: فيما يتعلق بانتشار قنوات الأطفال في المنطقة العربية والاهتمام بالتنشئة المثلي لهم علي الرغم من تكاليفها الباهظة من النقاط الإيجابية التي تحسب لهم فالأعمال التي تنتج للأطفال بكل مضامينها من كتابة وإخراج وغير ذلك من أصعب الأعمال الفنية. أضاف: ما يتعلق بريادة مصر الإعلامية التي تصل إلي أكثر من 23 قناة فضائية و33 محطة إذاعية كان من المفترض أن تكون سباقة إلي الاهتمام بالأطفال وأن يكون إنتاج البرامج الخاصة بهم جزءاً من فلسفة تلك القنوات وربما يرجع السبب في قلة هذه الأعمال من 2009 وحتي الآن إلي زيادة التكاليف الإنتاجية التي تصل في القنوات الخاصة إلي 70 مليون جنيه وفي قنوات الدولة التي تمتلك بنية تحتية ما يقرب من 20 مليون جنيه فضلاً عن قلة الذين يكتبون للطفل ومن المؤكد أننا سوف نفاجأ إذا استمر الأمر كذلك بأن أطفالنا المصريين يتحدثون لهجات غير مصرية لافتقادهم الأعمال التي تهتم بتنمية قدراتهم وعقولهم بعيداً عن الضغوط النفسية والإرهاب والظروف القاسية التي يعاني منها المجتمع. قال علي عبدالرحمن: أعتقد أن المسئولية تقع علي عاتق وزارة التربية والتعليم والمجلس القومي للطفولة واتحاد الإذاعة والتليفزيون ويتعين عليهم أن يوفروا الإمكانيات التي تضمن إنتاج أعمال علي المستوي المطلوب. أضاف علي عبدالرحمن: آن الأوان لأن يكون لدينا قنوات للأطفال خاصة ونحن بصدد إعادة ترتيب البيت المصري فلابد أن تعمل الدولة علي تنقية المحتوي الذي يقدم للطفل المصري ولن يتحقق ذلك إلا بالإرادة الحقيقية وتكاتف مؤسسات الدولة مع المجتمع المدني علماً بأننا في حال توفير منتج إعلامي جيد للطفل سنتمكن من أن ندر ربحاً وفيراً بهذه القنوات باعتبار الطفل مستهلكاً مهماً ورئيسياً لمعظم الشركات التجارية.