التسمم الجماعي الذي تعرض له عدد كبير من سكان محافظة الشرقية بعد تناولهم مياه الشرب سيكون المتهم فيه هو المواطن نفسه الذي جني علي نفسه وهذا ما يحدث في كل حادث تسمم جماعي فإن الوزارات والمحافظات تلقي المسئولية علي المواطن نفسه ويبرئون ساحتهم تماماً من المساءلة القانونية. واليوم نشاهد نفس اللعبة فالمسئولون عن وزارة الصحة يؤكدون دون أي دليل ان الشخص الذي توفي في محافظة الشرقية والذي كان يعاني من أعراض التسمم بعد تناوله مياه الشرب أن السبب في وفاته أزمة قلبية والمياه بريئة من الوفاة في الوقت الذي أكد فيه مصدر مسئول بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أن هناك أكثر من 2200 محطة مياه غير مرخصة وغير مطابقة للشروط الصحية وهذه المحطات منتشرة في القري ونجوع مصر وانها تعتمد في أسلوبها وتشغيلها علي البركة!! الأغرب من ذلك ان المصدر الذي صرح بهذا من الشركة القابضة أكد أيضاً ان هذه المحطات تم انشاؤها عن طريق تمويل من الجمعيات الأهلية لمساعدة الفقراء في القري والنجوع لدرجة ان مياه الشرب تختلط بمياه الصرف الصحي التي لا يوجد بها شبكات للصرف الصحي. كما أضاف المصدر في تصريحاته الخطيرة ان تراخي الرقابة علي تلك المحطات أدي إلي انتشار حالات التسمم الميكروبي بسبب بدائية تلك المحطات في التنقية والتكرير واتهم المصدر الحكومة بالتراخي وعدم اهتمامها بالقري والنجوع وكأن المواطن في هذه القري من الدرجة الثالثة لا قيمة له. هذا التهميش للمواطن في القري والنجوع أدي الي كوارث ارهابية نعاني منها الآن وكنا نعيب علي الحكومات السابقة بأنها هي التي خلقت الارهاب بسبب اهمالها وتهميشها لسكان الريف والقري في كل الخدمات والرعاية الصحية والثقافية والاجتماعية مما جعلهم صيدا سهلا لاعتناق الأفكار الهدامة وللمخربين والمجرمين لأن سكان القري لا يشعرون بذاتهم بل يشعرون أن الحكومة تنظر إليهم بنظرة سطحية في جميع الخدمات العامة. أين وزارة الصحة المنوطة بإجراء تحاليل لمياه الشرب بصفة دورية وهذه مسئولياتها حيث اننا كنا نشاهد في الماضي ان وزارة الصحة تقوم بالكشف وتحاليل مياه الشرب في خزانات المياه بالمنازل والفنادق للتأكد من صلاحية هذه الخزانات التي قد تسبب تلوثا للمياه ولكن ما نشاهده الآن من اهمال لمصادر مياه الشرب وعدم تواجد من وزارة الصحة يؤكد لنا ان الكوارث سوف تتوالي علينا يوما بعد يوم بسبب الاهمال والتقصير. هل هذا لا يعتبر فسادا إدارياً صارخا من وزير الصحة الذي لم ينظر منذ توليه العمل بالوزارة إلي مشكلة تلوث المياه ولم يضع استراتيجية جديدة للحد من حوادث التسمم ولقد تحدثت في المقال السابق عن مشكلة مياه الشرب في قرية القابات التابعة لمركز البلينا محافظة سوهاج وأكدت في المقال ان شبكة المياه بالقرية تم انشاؤها منذ عام 1975 ولم يتم اجراء أي أعمال تجديد لها حتي الآن كما أن وزارة الصحة لم تقم باجراء أي تحاليل لمياه الشرب في هذه القرية رغم الشكاوي العديدة من تلوث المياه وتناولت مشكلة الصرف الصحي في هذه القرية وان الدولة أنفقت الملايين علي الشبكة في القرية لكن العمل توقف فجأة دون أي أسباب مما أدي الي دفن الملايين من المواسير والابيار التي تم انشاؤها ولم يستفد المواطن حتي الآن ومنذ 8 سنوات بشبكة الصرف الصحي التي توقفت دون سبب.