ونحن نحتفل اليوم بعيد سيناء لابد أن نتذكر الجهود الجبارة التي بذلتها مصر لعودتها إلي حضن الأم مصر.. وذلك بعد غياب سنوات وسنوات من الحرمان والضنا لهذا البعد والغياب الذي لا مبرر له لابد ان نتذكر نحن وأن نُذكر الأبناء والأحفاد بأنه لولا المؤسسة العسكرية التي قامت بتنفيذ الخطط التي لم يتوقعها أحد واستطاعت أن ترفع رأس مصر عالياً لولاها لما كان الاحتفال بهذا اليوم ويجب أن نعترف بأنه لولا حكمة القيادة السياسية بعد حرب أكتوبر 1973 وبعد نظرها والجرأة في اتخاذ القرار لما كان الاحتفال بهذا اليوم. وبصراحة دعونا نقول إنه لولا التصرفات الشجاعة للرئيس الراحل أنور السادات واصراره علي الوصول إلي بر السلام وتوقيع اتفاقية السلام لما خرجت إسرائيل من سيناء وما كان هذا الاحتفال بعيد سيناء. إنه تاريخ يروي كم عانت مصر وشعبها من أيام سوداء عاشتها في نكسة 1967 وأمكن لأنور السادات أن يحقق نصراً عسكرياً وأيضاً سياسياً رغم كل الانتقادات المريرة التي وجهها الموتورون له وانتهت بتوقيع الاتفاقية وخروج اسرائيل من الأراضي المصرية التي احتلتها في عام 1967 وبقي المتشنجون ينعون وقفتهم الرافضة وانتهي الأمر باغتيال الرئيس السادات. إذن فإن يوم 25 أبريل هو يوم جدير بالاحتفال به سنوياً لأنه فوق هذا وذاك يوم غال دفعنا فيه دماء شبابنا وجنودنا وعانينا كثيراً إلي أن تحقق. ندخل بعد ذلك إلي المهم.. كانت شواطئ سيناء الجنوبية خالية من أي تعمير سياحي أو غير سياحي اللهم إلا عدد يتجاوز أصابع اليد من الفنادق البسيطة والتي تصلح فقط كبيوت للشباب كما سبق ان ذكرت في مقالي السابق وكان لابد من إيجاد وسيلة ما لتعمير هذه الشواطئ وتحويلها إلي أي لون من ألوان الاستثمار وكان السؤال الذي فرض نفسه من هو الجرئ الذي يأتي إلي هذا المكان البعيد النائي الذي لا زرع فيه ولا ماء بل ولا حياة علي طول الساحل الذي يمتد نحو 700 كيلو متر. وعندما تولي فؤاد سلطان وزارة السياحة كان أول تصريح له هو أنه رجل اقتصاد وليس خبيراً سياحياً كل معلوماته عن السياحة أنها نشاط اقتصادي وحتي يكون في مصر سياحة حقيقية لابد أن تكون لها استثمارات ضخمة وتوجيه هذا الاستثمار إلي مناطق السياحة الجديدة وذلك من خلال اقناع المستثمرين ولهذا استطاع فؤاد سلطان أن يصدر قانوناً يتيح بيع أراضي سواحل سيناءوالبحر الأحمر بسعر دولار واحد للمتر المربع وبالتقسيط بشرط سرعة البناء وكان الغرض من هذا السعر المخفض هو تشجيع المستثمرين علي شراء الأراضي واستغلالها وبالفعل تشجع عدد من المستثمرين وأقبلوا علي شراء مساحات شاسعة من الأراضي علي الساحل ودفعوا 10% من الثمن والباقي علي 3 أقساط وان يتم البناءعلي 10% فقط من مساحة الأرض وباقي المساحة يشق فيها الشوارع وتحفر فيها حمامات السباحة باختصار مطلوب من كل مستثمر أن ينشأ جنته علي مساحة الأرض التي اشتراها بدولار واحد للمتر. ونجح هذا الأسلوب وأصبحت شرم الشيخ وغيرها من المناطق من أجمل المنتجعات السياحية في العالم ومن هذا الدولار الواحد تم بناء آلاف الحجرات الفندقية وأقبل ملايين السياح وانتعشت هذه المناطق انتعاشاً لم تعرفه من قبل خاصة أن هذه الملحقات استقطبت آلافاً من الأيدي العاملة. وطبيعي أنه كلما زاد التعمير ارتفعت أسعار الأراضي ولولا عمليات التشييد والبناء لبقيت الأراضي كما هي صحراء جرداء. أقول هذا الكلام لأنه بعد 25 يناير 2011 ظن الناس والمسئولون أن بيع متر الأرض بدولار واحد هو اهدار للمال العام وارتفعت أصوات الكثيرين تطالب بفسخ العقود والمطالبة بإعادة تقدير قيمة الأرض بسعر المتر السائد بعد التعميرونسي المطالبون بأنه لولا هؤلاء الذين اشتروا الأرض وعمروها وجعلوها جنة لما ارتفعت القيمة. كذلك نسي المطالبون بأن هؤلاء المستثمرين أفادوا مصر كثيراً من حيث إنهم خلقوا فرص عمل لأعداد كبيرة من الأيدي العاملة وأنشأوا صناعات أخري قامت علي هذه المنتجعات وأصبحت هناك حركة تجارية لم تكن قائمة من قبل بالإضافة إلي ما يتم تحصيله من ضرائب مبيعات تغذي بها خزانة الدولة ورسوم أخري تحصل عليها جهات متعددة وللعلم فإن هذه الرسوم تصل إلي نحو 17% من قيمة النالون بخلاف ضرائب المبيعات. أقول هذا الكلام للكشف عن سر تحديد سعر متر الأرض علي سواحل البحر الأحمر بدولار واحد وبصراحة أتساءل أيهما أهم هل بيع الأرض بثمن متدن مع الأخذ في الاعتبار أن ذلك سيحقق مزايا عديدة كما وضحت أن بيعها بسعر مرتفع وتركها لإعادة بيعها مرة أخري بدون فائدة تعود علي البلاد. ولأن السياحة ما هي إلا نشاط تجاري واقتصادي وليس علي رأسها ريشة كما يتوهم البعض فإنه لا معني اطلاقاً لوجود مجلس أعلي للسياحة لأن هناك أولاً تنظيمات مهنية تضم كل قطاعات ومجالات السياحة وهي بالتأكيد لم تقم لمجرد "العياقة" أو لتحقيق منافع مادية للعاملين فيها وبالتالي هل من المعقول أن نشغل رئيس الدولة أو رئيس الوزراء بالمسائل المتعلقة بهذه التجارة. وفي رأيي أن صناعة السياحة تحتوي علي مقصد سياحي وهذا المقصد يتبع المحافظة القائمة فيه ومكان للنوم والإقامة وهو ملك لشركة أو شخص ويخضع للرقابة التموينية والصحية وأعتقد أنها من صميم عمل المحافظة أما جذب السياح فهو شأن صاحب أو مدير الفندق أو الشركة السياحية أي أن الدولةيجب أن تتفرغ للبلاد ومشاكلها وليس للسياحة إلا لتحصيل الرسوم والضرائب فقط لا غير. أما ما يقال من أن هناك اشتباكات بين الوزارات خلقت مشاكل سياحية فهذا كلام لا أجد له أي مبرر إلا "الحشرة الكدابة" في الشئون السياحية بصراحة وجود مجلس أعلي للسياحة.. هو حيلة العاجز!!