في سابقة تكاد تكون الأولي مِن نوعها في تاريخ مؤتمرات الثقافة الجماهيرية يرفض السيد اللواء أركان حرب أحمد عبد الله محافِظ البحر الأحمر دعمَ مؤتمر إقليم جنوب الصعيد والذي دارت فعالياته بالمحافظة في الفترة من 23 حتي 25 مارس الشهر الماضي ثم تقوم الهيئة العامة لقصور الثقافة ممثلةً في رئيسها ورئيس إقليم جنوب الصعيد بدعوة المحافظ ليفتتح المؤتمر بل وتكريمه بإهدائه درع الهيئة وسط علامات الدهشة والعجب التي ارتسمت علي وجوه الأدباء والمثقفين ممثلي أربع محافظات وهي أسوان وقنا والأقصروالبحر الأحمر ..!! وكانت القصة قد بدأت باختيار الأمانة العامة لمؤتمر إقليم جنوب الصعيد لمحافظة البحر الأحمر مكانا ومقرا لفعالياته وجلساته وهو المؤتمر السنوي الذي تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافة وإقليم جنوب الصعيد مرةً واحدة كل عام في محافظة من محافظاتالجنوب. وقد أقيم المؤتمر في 2013 بمحافظة أسوان بدعم ورعاية محافظها. كما أقيم عام 2014 بمحافظة الأقصر بدعم ورعاية محافظها أيضا. وجاء الدور علي محافظة البحر الأحمر تكريما لها وللحركة الأدبية والثقافية وتكريسا من أمانة المؤتمر لأهمية تلك المحافظة سياحيا ... وجرت الأعراف والبروتوكولات المستقرة منذ أكثر من خمسين عاما علي أن يخاطب أدباء ومثقفو المحافظات محافظي كل محافظة طالبين منهم الدعم والرعاية الذي يتمثل في الغالب في استضافة المحافظة المختارة للأدباء والمثقفين كإقامة وإعاشة. أو كتوفير بعض وسائل النقل في المحافظة. أو حتي دعم المؤتمر بأي مبلغ رمزي حيث إن لوائح الهيئة العامة لقصور الثقافة وميزانياتها لا تضع بنودا للإقامة والإعاشة معتمدة في ذلك دائما علي تعاون المحليات في أي محافظة ... خاصة أن هذه المؤتمرات تتحدث نقدا وإبداعا ودراسة عن المحافظة ومبدعيها ومثقفيها وأهم ملامحها ومميزاتها الاجتماعية والثقافية ... كان هذا - وما يزال - عُرفا ثابتا ومستقرا منذ عقود طويلة .. يجري فيها الأمر علي المؤتمر العام لأدباء مصر وعلي المؤتمرات الإقليمية كهذا المؤتمر الذي شهد قبل انعقاده بشهور زياراتي متتاليةً لمكتب السيد محافظ البحر الأحمر دون جدوي ...! كما شهد الأمر وساطاتي كثيرة ومتعددة من تنفيذيين وشعبيين في محاولات نبيلة ومخلصة من أجل إقناع السيد اللواء برعاية المؤتمر وبدعمه ولكن ذهبت كل هذه المحاولات أدراج الرياح ..!!! وأُسقِط في يد الأمانة العامة وفي يد الإقليم ... ولم يجد إقليم جنوب الصعيد الثقافي بُدَّا من أن يحاول بميزانيته المتواضعة أن ينقذ المؤتمر من الإلغاء خاصة أنه قد تمت دعوة الباحثين من مختلف محافظات مصر. وتم طبع كتابَيْ المؤتمر ومنهما كتاب يتناول أهم ملامح الحركة الأدبية والإبداعية في البحر الأحمر ... وتم تحديد الموعد وراهن الإقليم علي إنقاذ المؤتمر وافتتاح فعالياته وهو ما حدث بالفعل ولكن كانت المفاجأة في دعوة السيد اللواء المحافظ لافتتاح المؤتمر .. وكان مدهشا لكل الحضور أن يعرب سيادته في كلمته الافتتاحية عن سعادته البالغة - نعم هكذا بالنص - بحضوره وجلوسه بين الأدباء والمثقفين الذين يعتبرهم ضمير الأمة ...!!! وكانت المفاجأة الأكبر في تكريم الهيئة والإقليم للسيد المحافظ بإهدائه درع الهيئة ... وهو الأمر الذي ترك انطباعات بالغة السوء في نفوس المؤتمرين الذين فوجئوا بتواضع مستوي الإقامة في أحد فنادق مدينة الغردقة. وهو الأمر الذي تم تفسيره بالطبع بتواضع ومحدودية ميزانية المؤتمر المقررة من الهيئة للإقليم الذي اضطر أن يتحمل هو نفسه الإقامة والإعاشة ...!!! وتساءل الحضور عن دور وزارة الثقافة نفسها. وعن علاقتها بوزارة الحُكم المحلي .. وكيف لم تستطع الهيئة تصعيد الأمر ليتدخل وزير الثقافة بنفسه؟؟؟ وتساءل المثقفون والأدباء عن موقف المحافظ لو كان المؤتمر مؤتمرا فنيا خاصة بالسينما أو الغناء؟ أو موقفه من مؤتمرات البيئة أو السكان؟ هل كان سيرفض دعمها؟ وكيف لا يلتفت سيادته إلي أهمية الفكر والأدب والثقافة في تشكيل الوعي والتعبير عن قضايا المجتمع. وهو المجتمع نفسه الذي يحارب الجهل والتطرف والفساد بفضل مبدعيه ومثقفيه ... وكيف تطلب الدولة من المثقفين الوقوف بجانبها لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل المتمثلة في مواجهة طيور الظلام وخفافيش الرجعية والتخلف بينما موقف واحدي من رجالها هو موقف التجاهل والإعراض .؟؟ هذا هو السؤال ..............!!