أثارت المناظرة التي جمعت بين د. أسامة الأزهري عضو هيئة تدريس جامعة الأزهر والداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري في مواجهة الإعلامي إسلام البحيري الكثير من الجدل خاصة بعد عرض بحيري لمنهجه في تجديد التراث وتفنيده لأقوال السلف الصالح بأسلوب لا يليق بمكانة هؤلاء العلماء الأجلاء وهو ما تسبب في حدوث بلبلة وحيرة لدي الناس من هنا تأتي أهمية المناظرة لتوضيح الرأي الشرعي الحقيقي والصحيح فيما يخص الأمور الجدلية التي يستعرضها بحيري في برنامجه بين الحين والآخر. يري د. محمد نجيب عوضين أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الأسبق وأستاذ الشريعة بكلية حقوق القاهرة ان هذه المناظرة أثبتت مجموعة من النقاط أولاً ان التخصص والعلم هما أساس الحكم علي الأشياء وان التسرع انما هو مرض منبوذ وكذلك التعميم علي الأشياء.. كما أظهرت ان اجتزاء النصوص من سياقها هو السبب في نشر الفكر المغلوط.. كذلك أظهرت المحاورة الاضطراب في شخصية المنتقد للعلماء والدين وتراجعه فيما يقول عدة مرات في نفس الوقت.. إلي جانب انه يتناقض ويصل كلامه وتناقضه إلي حد الكذب حيث ظهر ان كثيراً من الكتب التي وثق منها لا يوجد بها الكلام الذي ذكره وينسبها كذبا إليها.. بالإضافة إلي ظهور براعة المتخصص في علم الحديث من المتحاورين في ضعف حجة من تحاوروا معه. أما السلبيات التي توصف بها هذه المحاورة هي محاولة تشتيت "بحيري" لمن يحاورانه بذكر العديد من القضايا في نفس الوقت حتي يدخلهما في متاهة ليصعب كشفه أمام الناس. قال "بحيري" عرض بعض الآيات بفهم مغلوط كما قال عن عدة المرأة التي لم تحض أصلا فقد أصر علي ان المقصود باللائي لم يحضن ان القرآن يدلل علي ان المرأة الصغيرة تتزوج وتطلق قبل ان تحيض فعدتها ثلاثة أشهر وهذا بعيد تماما عن الحكم الشرعي الصحيح وهو ما لم يجب عليه الأزهري والجفري إما لكثرة ما ألقي عليهما من مسائل أو بمحاولة تشتيت "بحيري" لهما. أضاف ان المقصود باللائي لم يحضن هن النساء الكبيرات اللاتي تزوجن واكتشفن عدم حيضهن لعيب خلقي أو لسبب طبي ليس له علاج فإذا طلقت هذه المرأة فهي لم تحض أصلا فعدتها مثل الآيسة ثلاثة أشهر وهذا هو المقصود باللائي لم يحضن وليست الصغيرة كما أدعي البحيري. كما ان المقصود بقوله تعالي: "وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم" ليس كما ذكر بحيري ان الله يقصد بذلك ان المرأة لا تتزوج إلا إذا كانت رشيدة أي بالغة عاقلة مرشدة وليس هذا المقصود حيث ان الصغيرة التي لا إدراك لها يكون مالها في يد الوصي حتي تتدرب وتأخذ خبرة وتبلغ ومعني البلوغ سن النكاح فليس بالسن وحده وإنما اكتمال بنيانها الجسدي والمقصود ب "رشدا" ان هذا شرط بأن تستقل المرأة بأموالها بدليل قوله: "فادفعوا إليهم أموالهم" ولا علاقة لهذه المسألة بزواج الصغيرة والكبيرة لانه قد تتزوج المرأة وهي غير رشيدة فالرشد ليس شرطا لصحة الزواج كما يقول الفقهاء ان الرشد هو حسن التدبير ووضع المال في موضعه. أكد د. عوضين ان المناظرة نجحت علميا لما يتمتع به الأزهري من خبرة في مجال تخصصه وهو الحديث ومن سماحة وهدوء الشيخ الجفري وأظهرت إصرار "بحيري" بعصبية علي منهجه الذي اعترف انه لن يتخلي عنه ولن يغيره وان هذا أسلوبه في سب العلماء.. كما تبين من مناظرته انه موجه لهدف معين كما ذكر المحاوران له وهو منهج الهدم والتدمير وليس النقد والإصلاح.. واعترف صراحة بانه يقول ان تشكيك المؤمن في عقيدته هو أول الطريق لاقناعه بمنهجه وبالتالي يعد أمثال هؤلاء من الخطورة بحال علي هوية المجتمع وإحداث الفتن والقلاقل بداخله وان الحوار العلمي لا يفيد كثيرا معه وإنما باعتباره غير متخصص ينبغي عليه بداية ان كان مصرا تعلم المنهج الإسلامي علي وجه صحيح من المتخصصين والمناهج العلمية دون كبر وإلا كان لولاة الأمور ابعاده عن فكر الناس هو وأمثاله المتجرئون علي الدين وفي أسرع وقت ممكن لانه ما ان ننتهي من واحد منهم حتي يظهر آخر يشك في ثابت جديد من ثوابت الدين كالدعوة إلي منع الحجاب وغيرها من المسائل العبثية الموجهة. أكد د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر ان من الايجابيات التي شهدتها هذه المناظرة فكان هناك احترام متبادل وموضوعية إلي حد ما لكن بحيري يجب ان يعهد إلي أحد الفقهاء لمناقشته ومناظرته في الشأن الفقهي لان الشبهات التي يثيرها الطاعن في المرجعيات الحديثية وما يراه هو مآخذ في أحكام فقهية ولابد ان يضبط العمل في مرجعية حديثية وأخري فقهية فلا مجال للوعظ في هذا الجانب فقد قال صلي الله عليه وسلم "الحكمة ضالة المؤمن هو أحق بها أني وجدها" فمرحبا باللقاءات العلمية البعيدة عن التعصب. أعرب الشيخ حاتم عبدالخالق من أئمة الأوقاف عن سعادته بالمناظرة التي أفحمت بحيري وأظهرت سطحية أفكاره وأطروحاته وعمق الفهم الديني لدي الدكتور الأزهري والداعية الجفري.. فقد كان ردهما قويا وبالحجة المقنعة وكان يجب منذ البداية ان يستعين الأزهر بعلماء ثقاة حتي يستطيعوا اقناع المشاهدين ويصححوا المفاهيم المغلوطة التي ينشرها بحيري في برنامجه.. مشيراً إلي ان التحديات التي تواجه التراث هذه الأيام كثيرة ويجب علي علماء الأزهر ان يتصدوا للمشككين والمنتقدين بقوة حتي يتم الحفاظ علي هذا التراث الثمين الذي حمي لنا السنة النبوية وأوصلها لجيلنا المعاصر وللأجيال القادمة بكامل أحكامها.