ليس عيباً أن نعترف بالأخطاء وجوانب القصور والتقصير.. لكن العيب كل العيب أن نظل محبوسين في دائرة التصريحات الوهمية الخادعة التي لا تعبر عن الحقيقة رغم كل ما ينطق به الواقع حولنا من حقائق لا يمكن أن تخطئها العين. قبل شهرين من بداية العامة الدراسي الحالي أطلق وزير التربية والتعليم الكثير من التصريحات المتفائلة التي تبشر بعام دراسي خال من المشاكل عكس العام الذي مضي.. فقد تم مراجعة أعمال الصيانة والترميم في جميع المدارس وتلقت الوزارة تقارير الصلاحية.. واتفقت علي إعداد مليون تختة جديدة.. والمدارس استعدت بطواقم أمنية.. والكتب اكتملت.. وكل شيء تمام التمام. وفي مطلع شهر نوفمبر قام الوزير بجولة قيل أنها "مفاجئة" في 3 محافظات.. أي بعد مرور شهرين اثنين فقط علي بداية الدراسة.. فصدمه الواقع الأليم.. وشاهد بنفسه نوافذ الفصول بلا زجاج.. والأبواب مكسورة.. ومقاعد التلاميذ محطمة ولا تصلح للجلوس عليها.. وعندما سأل مدير إحدي المدارس عن الأموال المخصصة للصيانة وفي أي شيء تنفق.. كان الرد إن المبلغ المخصص للصيانة هو ألفا جنيه فقط وتم إنفاقها علي إصلاح دورات المياه بالمدرسة. وقالت التقارير الصحفية المنشورة في ذلك الوقت إن الوزير فوجئ بتشقق جدران المدارس وارتفاع كثافة الفصول إلي 60 تلميذاً في الفصل الواحد.. ورأي بعينيه التلاميذ يتسلقون سور المدرسة للهروب.. ثم كانت الطامة الكبري عندما أراد اختبار قدرة طلاب المرحلة الاعدادية علي القراءة - القراءة فقط - كانت النتيجة كارثة الكوارث.. فألاولاد لا يعرفون القراءة. وفي يناير الماضي أعلن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب برنامجاً لتطوير المدارس الحكومية علي مستوي الجمهورية لإعادة تأهيلها.. ويشمل ذلك ترميم وإعادة بناء المدارس الآيلة للسقوط وإجراء الاصلاحات المطلوبة وأعمال الصيانة. وهذا الأسبوع فاجأنا وزير التربية والتعليم من جديد بأن الوزارة أغلقت ما يقرب من 147 مدرسة لديها مشاكل في البناء.. وتم نقل الطلاب إلي مدارس أخري حتي يتم حل مشاكل البناء الخاصة بهذه المدارس المغلقة.. وهناك مدارس أخري سيتم إزالتها بشكل تام وإعادة بنائها. وبهذه المناسبة "السعيدة" أكد الوزير أن خطة الوزارة حالياً قائمة علي تطوير التعليم في جميع مراحله.. مستهدفاً ألا يتجاوز عدد الطلاب داخل الفصل 40 طالبا فقط مع حلول عام ..2017 مشيراً إلي أن زيادة موازنة الوزارة بداية من العام المالي القادم بنسبة 4% من الدخل القومي سيسهم بشكل كبير في عملية التطوير المستهدفة داخل المدارس خلال الفترة المقبلة. وبكل صراحة.. أنا من الذين ينفرون من مثل هذه التصريحات العملاقة غير الواقعية التي تحيل حل المشكلات دائماً إلي المستقبل البعيد - 2017 - وتبتعد عن مسئوليات اللحظة.. فنحن لسنا متأكدين من أن الوزير سيظل علي رأس الوزارة حتي 2017 أم لا.. ولسنا متأكدين من أن هدفه - حلمه - سوف يتحقق بتخفيض كثافة المدارس وزيادة الميزانية.. ناهيك عن الأحلام الكبري بإعادة بناء المدارس وزيادة الميزانية.. هل سيتذكر أحد هذه التصريحات في 2017 ويحاسب الوزير عليها؟! أقصي ما نطمح إليه الآن أن يحدثنا وزير التعليم عن التدابير والإجراءات التي اتخذت للتنسيق وضبط العملية التعليمية في المدارس التي أنتقل إليها الطلاب بعد أن أغلقت مدارسهم.. وكيفية متابعة المدرسين وضمان عدم تسرب الطلاب أو تعرضهم للبلطجية كما حدث مؤخراً في مجمع مدارس جمال عبدالناصر بالوراق. أو.. دعك من هذا وذاك.. فقط خبرنا ياسيادة الوزير هل استطاع طلاب الاعدادية أن يفكوا الخط وهل تعلموا القراءة بعد مرور ثلاثة شهور علي زيارتكم "المفاجئة" لهم؟!