عبر الهاتف جاءني صوتها الهاديء الوديع تعلوه نبرة حزن وأسي قالت: التي تحدثك تبلغ من العمر 34 سنة ولم تتزوج حتي الآن.. وحتي وقت قريب كنت لا أفهم لماذا كل "عريس" يأتيني يذهب ولا يرجع خاصة ذلك الشاب الذي تقدم إليَّ مؤخرا وكان سعيدا كثيرا بي وبأسرتي وحدد موعدا للخطبة.. لكن في الموعد المتفق عليه لم يأت؟! نعم أعرف ان أخوالي الثلاثة ليسوا سعداء لأن أمي ورثت عن أبيها شقة في بيت العائلة - وهي التي نقطن فيها الآن - وقد تسأليني وما علاقة أخوالك بعدم زواجك!! والاجابة علي هذا السؤال تتطلب مني أن أروي الحكاية من بدايتها.. نحن ثلاث شقيقات والدنا موظف بالمعاش وأمنا ربة منزل.. ومأساتنا إننا نقطن في الشقة التي ورثتها والدتنا عن أبيها في منزل العائلة وأحد أخوالنا يقيم في الطابق العلوي بالبيت لذا فهو الأكثر احتكاكا بنا وايذاءً لنا لا لشيء سوي ان أمنا ورثت شقة في بيت العائلة.. ومع ذلك حاولنا تحاشيه وأسرته وحرصت عقب حصولي علي الدبلوم الفني العمل باحدي العيادات أو الصيدليات القريبة من مسكننا حتي لا أقصر في رعاية شقيقتي الصغري والمريضة خاصة ان حالة أمي الصحية لا تسمح لها بذلك.. أما شقيقتي التوءم فقد انشغلت بتحسين مستواها الدراسي فلم تتوقف عند الدبلوم بل واصلت طريقها حتي حصلت علي بكالوريوس التجارة ما اتاح لها العمل في مصلحة حكومية تقع في احدي المدن المجاورة وبات كل ما تحرص عليه هو تثبيت أقدامها في الوظيفة والزواج يأتي حينما يأتي.. أما أنا فكم أشعر بوطأة السنين وهي تمضي بي بدون زواج في وقت تماثلت شقيقتنا الصغري تماما للشفاء ولم تعد بحاجة لرعايتي لها بل انها وبحمد الله تشاركني الآن العمل باحدي الصيدليات وتنتظر مثلي "ابن الحلال" لكن يبدو انه حلم بعيد المنال فما كنت اتصور ان كراهية أخوالي لأمي خاصة المقيم معنا بنفنس البيت ستجعله يفسد عليّ فرحتي حين جاءني الشهر الماضي من يوافقني في الخصال والطباع وبعد أن حدد موعد الخطبة والشبكة فوجئنا به يعتذر أما السبب فظل خافيا عني لبعض الوقت حتي علمت من جارتي المخلصة ان خالي الذي يسكن معنا انتهز فرصة خروج الشاب من عندنا ليستوقفه ويحذره من الزواج بحجة أنني لا أفهم في شئون البيت ونظامه؟ اسقط في يدي وشعرت بالأسي والحزن العميق من إصرار أخوالي الثلاثة علي النيل مني وشقيقاتي مع ان والدي إنسان طيب ومسالم يتحاشي الاحتكاك بهم تماما.. وأمي لا تقل عنه أدبا وخلقا.. ان الشرخ الذي أحدثه هذا الخال في حياتي جعلني اتعجب لمن يرددون عبارة: "الخال والد".. فأي أبوة تجعل أبا يقف في طريق سعادة ابنته!! باختصار لقد تملكني القلق علي مصيري وشقيقتي ان شاءت إرادة الله وغادرت والدتنا الحياة قبل أن نتزوج ان فأخوالنا الذين لم يكفهم ماورثوه عن أبيهم لن يتركوا والدي ليهنأ بالعيش في شقة أمي ولن يعطوه شيئا من نصيبه الشرعي في مال زوجته مثلما فعلوا مع أزواج خالاتنا حينما غادرن الحياة لكن الفرق بينهن وبين أمي أنهن لم يرزقن بأبناء!! خبريني سيدتي كيف أودع القلق وأطمئن علي مصيري أنا وشقيقتيَّ؟! وهل من حُسن الطالع أم من سوئه أن والدنا رجل طيب ومسالم؟! أريد جواباً!! ن.م - الشرقية المحررة: من حقك أن يستبد بك القلق والعمر يمضي ويتقدم بك دون زواج!!.. عليك أن تتألمي لما فعله خالك المقيم معكم في البيت - إن صدقت رواية الجارة - حينما طعن في كفاءتك المنزلية وأضاع عليك فرحة الزواج من هذا الشاب الذي وجدت فيه ضالتك.. لكن اعلمي جيدا أنه ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك فلو كان ذاك الشاب متمسكا بالفعل بك ما شغله كلام خالك عنك خاصة أنه دخل شقتكم وخرج بعد تحديد موعد الخطبة والشبكة دون أن يلتفت لأي خلل في نظام حياتكم يثنيه عن ذلك!! لو كان متمسكا بك لسأل نفسه هل من الطبيعي أن يقف خال في طريق سعادة إبنة شقيقته ويتولي بنفسه زمام المبادرة في ذلك؟!! إلا إذا كان هناك في الأمر شئ ما خافً عليه ولا يعلمه!! لقد استبد بك القلق ياعزيزتي ما جعلك تستبقين الأحداث وترثين لحالك أنت ووالدك وشقيقتيك إن شاءت إرادة الله وغادرت الأم الحياة قبلكم جميعا!! إسترجعت مواقف أخوالك مع أزواج خالاتك المتوفيات وتخشين ان يكابد والدك المسالم الطيب ما كابده أقرانه.. تستبقين الأحداث أدام الله في عمر والدتك مع أن القانون المنظم لمثل هذه الحقوق موجود ودار الافتاء تعفيك إن لجأت اليها من شبهة السقوط في دائرة التحايل علي الشرع وتمنحك الفتوي الصحيحة في أي أمر يلتبس عليك. تقولين أنك تتعجبين لمن يرددوا بأن "الخال والد".. وهو بحق كذلك لكن لكل قاعدة استثناء وأخوالك هم هذا الاستثناء هداهم الله ونهاهم عن أكل الحقوق. .. وبالنسبة لسؤالك هل من حسن الطالع أن والدك رجل مسالم أم من سوئه ان والدك رجل مسالم؟ فأري انه من حسن الطالع ان أباك بهذه الخصال لكن هناك من المواقف ما ينبغي فيه ان يتحلي بشيء من الحزم والحسم خاصة إذا كان الأمر يتعلق بكرامة بناته وسيرتهن..