منذ فجر الدعوة المحمدية وبزوغ أنوارها في دار الارقم بن ابي الأرقم والحكمة في دعوة الرجال والنساء واختيار أفضل الأساليب الطيبة في الحديث مع مختلف الفئات والطوائف كانت أفضل الطرق والوسائل في انضمام الكثيرين من مختلف الاعمار. كما ساهمت في جذب الشباب خاصة ومما يوضح الأمور بصورة أكثر وضوحاً. فهاهو أبوبكر الصديق رضي الله عنه منذ أن انضم إلي دعوة الحق وهو لم يدخر جهداً في دعوة الناس لدين الله وكان يسعي بأهمية نحو الشباب باعتبارهم رجال المستقبل وكان يتخير الكلمات التي ينفذ بها إلي قلوب هؤلاء الشباب ومن بين هؤلاء وقع اختياره علي شاب لم يكد يبلغ السابعة عشرة من العمر وبحكمة وصدق وفي عبارات هادئة وبسلاسة عرض عليه الإسلام استقرت كلمات أبوبكر في وجدانه فلم يتردد لحظة ودخل في الإسلام وهو في هذه المرحلة المبكرة من العمر وقد صادفت هذه الدعوة قلبا نضرا صافيا وكان الالتزام بدينه في العمل في اطار مبادئ الدين الحنيف فمضي يتقن صناعة اسلحة هذا العصر التي تتمثل في صناعة السهام والتدريب في الرمي انه سعد بن أبي وقاص.. وقد استمر في بذل اقصي الجهد لاتقان هذه الصناعة وفي نفس الوقت كان يحرص علي مجلس رسول الله لكي يتزود بالمزيد من العلم النافع وبلغ درجة أهلته لمنزلة رفيعة يتطلع إليها أي انسان مسلم وتتمثل هذه المنزلة في انه في أحد الأيام كان يدخل إلي باب مسجد رسول الله وقبل أن تدلف رجله إلي داخل المسجد. أعلن رسول الله صلي الله عليه وسلم مفاجأة استرعت انتباه الصحابة حيث انهي إلي مسامع الجميع انه سيدخل من باب المسجد رجل من أهل الجنة واتجهت الانظار إلي هذا الموقع فكان الداخل هو سعد بن أبي وقاص وهو الفتي الذي أبلي بلاء حسنا خلال مسيرته في رحاب دعوة الحق وفي غزوة بدر أبلي بلاء حسنا فقد كان يجيد الرمي بالسهام فهاهو عبد الله بن مسعود يقول: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر فما اصبنا شيئا من الغنيمة وجاء سعد باسيرين ويضيف ابن مسعود: لقد رأيته يقاتل قتال الفارس الراجل. هذا المجهود قد أهله لتلك المكانة السامية وزف إليه البشري بالجنة انها جائزة رب العالمين للمخلصين الاتقياء. وكان دعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم من نصيبه حيث قال صلي الله عليه وسلم: "اللهم سدد سهمه. واجب دعوته. وحببه لعبادك المؤمنين". هذه المفاجأة وتلك البشري حركت التنافس في قلب عبد الله بن عمرو بن العاص فاتجه نحو سعد وقال له: انني في غضب مع أبي فهل يمكن أن تستضيفني فرحب سعد بكل قوة بينما كان الانفعال يدور في وجدان عبد الله بن عمرو والافكار تراوده في ان يتعرف علي ألوان العبادة والذكر الذي يقوم به سعد فيفعل مثله كي ينل هذه المنزلة التي يتمتع بها سعد لكن بعد ان قضي الأيام الثلاثة لم يكتشف أي جديد في انشطة سعد سواء في الذكر أو الصلاة إذ إنه بعد عودته من مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يتجه إلي فراشه دون أي شيء آخر فقال ابن عمرو لسعد: لقد أخبرتك بالغضب مع أبي لكن كانت حيلة لأتعرف علي ألوان عبادتك فلم أر شيئا فماذا تفعل حتي نلت هذه المكانة؟ وجاءت اجابة سعد لتوضح الحقيقة امام ابن عمرو بن العاص قال: لم افعل شيئا كما رأيت ولكني حينما اعود إلي منزلي وأبيت به لا أحمل أي ضغينة في قلبي لأي شخص من المسلمين. تلك هي الحقيقة فسعد لم يزد في عبادته أكثر مما يفعله أي مسلم لكن القلب سليم فلا احقاد أو ضغائن