الإرهاب وصل إلي أوروبا.. وتحديداً باريس عاصمة فرنسا. حيث تعرضت صحيفة "شارلي إيبدو" لهجوم إرهابي راح ضحيته 23 شخصا ثم إلي تفجيرات أخري "أمس.. الأمر الذي يدفعنا لنتساءل هل سيدفع مثل هذا العمل الجبان أوروبا والغرب لمساندة مصر في حربها ضد الإرهاب.. وهل يزيدها يقينا بصدق رؤية مصر وإجراءاتها ضد الإرهاب.. أم أنه سيفتح بابا جديداً لعداء الغرب للإسلام أو تعميق ظاهرة الإسلاموفوبيا التي انتشرت بعد أحداث 11 سبتمبر.. وما هي الإجراءات التي سوف تتخدها تلك الدول لتجفيف منابع الإرهاب تمويلاً وتسليحاً..؟! أكد خبراء السياسة ومكافحة الإرهاب والقانون أن هذا الحادث يؤكد علي أن الإرهاب ليس ببعيد عن أي دولة من دول العالم وأكدت الأحداث أن ما نادت به مصر سابقا بحتمية تكاتف جميع الدول في مواجهة الإرهاب أصبح أمراً واجب النفاذ. أشاروا إلي أن الجماعات الإرهابية أصبح لديها الآن عناصر قادرة علي الحصول علي جنسيات مختلفة سواء أوروبية أو أمريكية. شدد علي ضرورة الاهتمام بالخطاب الديني الوسطي والذي طالب به الرئيس السيسي في خطابه بالأزهر.. وحذروا في ذات الوقت من عودة العداء للإسلام في أوروبا حتي لا تكون الصورة العدائية الجديدة في أوروبا ضد الإرهابيين ذات أثر سلبي في علاقة أوربا بالمسلمين. أكدوا أن الحادثة الأخيرة تؤكد رؤيتنا بأن الإرهاب بلا وطن أو دين وأن التعاون أصبح ضرورة لمحاصرة الظاهرة أمنياً ومعلوماتياً ومالياً. شددوا علي أن "الموساد" ليس بعيداً عن الحادث بسبب موقف فرنسا واعترافها بدولة فلسطين.. محذرين في ذات الوقت من أن إنجلترا مستهدفه بسبب وجود عناصر متطرفة علي أراضيها. العقيد حاتم صابر الخبير بمكافحة الإرهاب الدولي يصف الإرهاب بأنه فكرة سياسية تجارية بمعني أنه يتم استخدامه مثله مثل أي سلعة يتم تداولها بين الدول وهذا الإرهاب يستهدف مناطق الشرق الأوسط وخاصة البلدان البترولية لاستنزاف قدراتها عن طريق دخولها في صراعات مستمرة. يضيف: الفكرة لدي الغرب كانت تصدير الإرهاب الخارجي لدول الشرق الأوسط حتي يكونوا بأمان داخلي ولكن عندما تم تضييق دائرة الإرهاب علي الإرهابيين في مصر بعد 30 يونيو والإجراءات التي اتخذت بعد ذلك والحرب المستمرة ضد الإرهاب جعل هناك نوعاً من رد الفعل العكسي علي الدول الأوروبية التي صدرت هذا الإرهاب. يشير إلي أن إنجلترا علي سبيل المثال من الدول التي تحوي هذه التنظيمات وإذا لم تعمل علي ضبط أمورها الداخلية ورفع درجة الاستعداد ووقف عمليات الدعم لتلك الجماعات وطردها من أراضيها سوف تتأثر كثيراً بل وستكون هناك عمليات إرهابية داخل العمق الأوروبي. يوضح أن ما حدث في فرنسا والهجوم علي الصحيفة الفرنسية هي عملية تمت علي يد مرتزقة مأجورين يتم تمويلهم لتنفيذ العمليات وبالفعل استطاعوا اختراق الأمن هناك وانتظروا وجود رئيس مجلس إدارة الجريدة ورئيس تحريرها والعاملين مجتمعين في وقت واحد واقتحموا المكان ونفذوا العملية التي تعد بمثابة اختراق لأجهزة الأمن الفرنسي ولا نستبعد أن يكون وراءها الموساد بالاتفاق مع داعش وليس مشروطاً لتنفيذ هذه العملية أن يكون الطرفان قد جلسا علي طاولة مفاوضات واحدة لتنفيذ العملية ولكن عن طريق وسطاء وعملاء للفريقين اتفقوا علي التنفيذ. يضيف انه بنظرة سريعة نجد أن العملية تمت متزامنة مع إعلان فرنسا ترحيبها بفلسطين كدولة بمجلس الأمن ولا يجب أن ننساق وراء الأخبار التي تقول بسبب ما تنشره هذه الجريدة من رسومات مسيئة عن الإسلم فهذا الكلام منذ سنوات.. فلماذا يتجدد الآن؟ طالب برد فعل الجميع ضد الإرهاب الجديد في ظل وجود دول كبري تنظمه وتدعمه. الدكتور إكرام بدرالدين استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة: إن الحادث الإرهابي الذي حدث في فرنسا وأدانته مصر يدل علي أن الإرهاب لا يقتصر علي دولة بعينها مثل مصر أو المنطقة العربية أو الشرق الأوسط وهذا الحادث مؤشر قوي علي أنه لا توجد دولة بعيدة عن يد الإرهاب. أضاف أن الجهود الدولية يجب أن تتكاتف لمكافحة الإرهاب لأنه أصبح يهدد الجميع سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل ومن لا يشعر بالإرهاب الآن ربما يصل إليه في المستقبل ولذلك يجب أن يكون هناك تعاون علي كافة المستويات الأمنية والمعلوماتية لتجفيف منابع الإرهاب وتجفيف التمويل المالي الذي يصل للجامعات الإرهابية وكذلك التسليح المستمر وقد يكون بعض التنظيمات الإرهابية صنيعة لدول كبري ومن ثم يجب محاصرة هذا الدعم فوراً. أوضح بدر الدين أنه ينبغي منطقياً علي كل الأطراف ان تأخذ هذا الحدث علي أنه تهديد مستقبلي لها ولسلامتنا رغم أن هناك بعض الدول تجد أن مصلحتها هي استقرار هذه الجماعات الإرهابية ولكن يبقي السؤال إلي أي مدي ستستمر هذه المصلحة والإبقاء علي هذه الجماعات؟! * أوضح الدكتور محمد كمال استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان ثمة ردود أفعال قوية لحادث فرنسا الإرهابي وجميع عواصم الدول الأوروبية ستدرك مخاطر الإرهاب النابع من هذه الدول ذاتها لان الإرهاب الحالي يختلف عن أحداث 11 سبتمبر لانه إرهاب خارجي لكن ما حدث في فرنسا هو إرهاب من مواطنين يحملون جنسية هذه الدول وشاركوا في هذا الهجوم. أكد أن هذا الأمر يؤكد أن جماعة داعش تضم أعضاء يحملون جنسيات أوروبية وأمريكية وبالتأكيد هذا الحادث سوف يغير من سياسة أوروبا نحو الإرهاب وبدأ التغيير الفعلي مع ظهور داعش. أكد أن من الأسباب التي أدت إلي ظهور داعش هو الفراغ السياسي في العراق وسوريا الناتج عن التداخل الأمريكي في المنطقة وداعش تمثل خطورة أيضا لامريكا في دول الشرق الأوسط حتي لو تحقق من ورائها بعض المصالح لكن المشكلة أن امريكا لا تعرف كيفية التعامل مع هذه الجماعة ولا تريد استخدام قوات برية وتخشي وقوع خسائر بشرية في صفوف قواتها جراء الاشتباكات في هذه المعارك وهو ما يجعلها تعتمد علي دول أخري في الهجوم علي داعش برياً مثل العراق والمعارضة السورية وتركيا. أضاف أن ذلك هو ما يغل يدها في مقاومة خطر داعش ويدفعها للتركيز علي الأدوات المالية وتجفيف موارد هذه التنظيمات ولكن رد الفعل الأقوي سيأتي من دول أوروبا. أما الدكتور مصطفي فؤاد أستاذ القانون الدولي جامعة طنطا فأوضح أن الإرهاب الذي بات يبث سمومة في كافة دول العالم سوف يدفع هذه الدول للمسارعة باتخاذ الإجراءات التي تحقق بها أمنها القومي الوطني ومن زاوية أخري فإن ما كانت تطالب به مصر من مساندتها في حربها ضد الإرهاب سوف تستمع إليه الدول الآن نتيجة تحقق توافق المصالح. لكن ما نخشاه أن تعلي هذه الدول الأوروبية من النظرة العدائية للإسلام الأمر الذي يتعين معه تحقيق ما طالب به الرئيس السيسي في خطابه الأخير بالأزهر من ضرورة تجديد الخطاب الديني الوسطي الذي يعبر عن الصورة السمحاء الواردة بالقرآن الكريم. طالب د. فؤاد وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية بتبني استراتيجية بحيث تجعل الرأي العام المصري والعربي والإسلمي ينشغل بضرورة تجديد الخطاب الديني حتي لا تكون الصورة العدائية الجديدة في أوروبا ضد الإرهابيين ذات أثر سلبي في علاقة أوروبا بالمسلمين.