من السلبيات في التعامل مع التراث ايضا التعامل الظالم حيث يفهم التراث بعيدا عن ظرفه التاريخي أو الزمني. أو حسب انتماء المحلل وتحيزه لذلك تحجب عملية الاحياء. ومثال ذلك هذا الهجوم الكبير علي طريقة تدوين العلوم في صورة متون ثم نظم ثم شرح ثم حاشية ثم تعليق ثم تقرير. وهي طرق ظهرت في أزمان مختلفة ولكن كان القائمون بها يريدون القيام بواجب وقتهم وفكره "واجب الوقت" هذه فكرة هامة للغاية حيث تفسر الظواهر والاعمال تفسيرا موضوعيا منطقيا دون الاعتداء علي أناس قاموا بواجبهم. ولكي نستفيد من هذا التراث يجب ان نبني بيننا وبينه جسورا من شأنها ان تمكننا من الاستفادة منه. ببيان ايجابياته وسلبياته. نأخذ من هذه الايجابيات ما يفيد العقلية المسلمة في الوقت الراهن. وما يفيد الدين والاوطان. وما يعود علي طلاب العلم بالفائدة المرجوة. وما يدفع عنا كل مناطق الشقاق والتدافع. كما ان بعلمنا بالسلبيات وفهمنا لها يجنبنا الوقوع في امور تحدث الشقاق والنزاع. او تنكر المعلوم من الدين بالضرورة او ما شابه. ومن خلال قراءتنا لهذه الايجابيات والسلبيات نستطيع التمكن من وضع المعايير المناسبة للتعامل معه. والتزود بالكثير من الفهم العميق الذي يسعي الي معرفة الحقيقة كما هي. وللتراث خصائص مهمة يجب التوقف عليها وهي ان له جوانب في الفكر والنص وفيه علوم شتي شرعية وطبيعية وادبية وغيرها. كما انه واسع جاء علي فترة زمنية تشمل ما يزيد عن اربعة عشر قرنا من الزمان. وهو مختلف ومتنوع الدرجات في التوثيق والثقة. وهو انتاج عن اربعة عشر قرنا من الزمان. وهو مختلف ومتنوع الدرجات في التوثيق والثقة. وهو انتاج بشري نسبي زمني قابل للاخذ والرد. ولا ننسي ان تراثنا عالمي يشمل العربي والفارسي والتركي والهندي وغيرها. يتميز بلغة تميزه ومصطلحات خاصة به. كونه يمثل تجربة فريدة لتطبيق النص علي الواقع بكل معانيه. وعلي ذلك فلا بد من البحث عن مناهجه والاستفادة منها. وهذا يحتم علينا ان يكون تعاملنا معه تعاملا متزنا. وهذا يأخذنا الي عدة نقاط ترشدنا الي كيفية التعامل مع التراث. وذلك بالتعامل المنهجي الذي نبعد فيه عن القبول المطلق او الرفض المطلق او الانتقاء العشوائي. وايضا التعامل التكاملي في جوانبه الفكرية والنصية. وكذلك في مصادره التي تعالج نواحيه المختلفة وازمنته المختلفة وعلومه المختلفة. اضف الي ذلك التعامل الاحيائي الباحث عن مناهجه وذلك للاستفادة منها وصياغتها وبيان كيفية تشغيلها في ظل مقتضيات عصرنا. والذي يقودنا الي التعامل العادل بعيدا عن نزع التراث عن زمنه وظرفه التاريخي. وقياسه بمفاهيم عصرنا ومصطلحاته. ويجب ان يكون منهجنا في التعامل ايضا مبنيا علي خدمة التراث نشرا وتحقيقا وتقريبا واختصارا وخدمة وفهرسة وتكشيفا واستعمال تقنيات العصر لذلك. وتصنيف العلوم وموسوعات المصطلحات لمزيد الاستفادة منه ومنع العوائق التي تفصلنا عنه. ووضع المعيار الذي به يتم تقويم التراث والتعامل معه. وهذا المعيار هو مصدر المعرفة عند المسلمين علي مر العصور المتمثل في الوحي "الكتاب والسنة" والوجود "الكون والانسان والحياة" وهما المعبر عنهما ايضا العقل والنقل او النص والواقع. وهذا المعيار هو الذي نقيس به الوارد من الانتاج البشري فنقبل ونرفض. واخيرا بيان كيفية استخراج المناهج من التراث وهذه العملية تحتاج الي عملية تجريد. وهي عملية مهمة نأمل ان تكون محل اهتمام الباحثين والمفكرين والعلماء في الايام القادمة ان شاء الله تعالي.