المناخ متاح الآن لكل جهد بناء يقوم به المصريون لصالح وطنهم وبما يعود علي الشعب أن يتقدم للأمام بخطوات ثابتة قوامها العلم والمعرفة. افتقدنا علي مدي سنوات طوال هذه الروح العلمية.. وكان كل صاحب اختراع يذهب به إلي أية جهة مسئولة فيتم النظر إليه باستخفاف ويؤخذ منه الاختراع ثم يوضع علي الرف!! كتبت منذ أيام في هذا المكان مقالا بعنوان: "في انتظار مفاجأة الدكتور جابر نصار" رئيس جامعة القاهرة.. حيث ذكر كما جاء في تصريحه أن هناك مفاجأة علمية تكشف ابتكارا مهما توصل إليه الباحثون في الجامعة لحل أهم المشكلات التي تواجه الدولة حاليًا. وقد اتصل بي الدكتور جابر نصار وأنا مازلت في كندا للعلاج وأبلغني بمضمون هذا الاكتشاف والأثر الذي سيعود به علي الشعب في ظل الشح المائي الذي يكاد يؤثر بالسلب علي حياته.. لكنني قلت له انني سوف احتفظ بهذا العمل الخلاق حتي تذيعه أنت علي الشعب في الوقت المحدد بعد الاختبارات التي تجريها الجهات المسئولة عليه علميًا. وصباح يوم الثلاثاء الماضي قام المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بزيارة مفاجئة في الصباح الباكر لجامعة القاهرة لمشاهدة الاختراع الجديد الذي أعلنت عنه الجامعة لحل مشكلة من أهم مشكلات مصر وهي تحويل مياه الصرف الصحي لمياه صالحة للري والشرب. ولعل قراء الصحف ومشاهدي القنوات الفضائية قد اطلعوا علي ما نشر حول هذا الموضوع الذي اخترعه الدكتور محمد زكي عويس الأستاذ بكلية العلوم بالجامعة.. وهو عبارة عن محطة مياه تعتمد علي نظم فيزيائية بيولوجية لا تستخدم فيها أية ميكنة أو مواد كيمائية ضارة. وقال الدكتور جابر نصار إن مجموعة من الخبراء التابعين للحكومة أخذوا عينات من المياه التي يخرجها الجهاز الجديد وأكدوا أنها صالحة للشرب بدرجة نقاء أكثر من نقاء مياه الصنبور.. وأن هذه التحليلات تمت بمعرفة الجهات الرسمية في الدولة وليست لها لون أو رائحة. بقي أن تعرف أن مكونات الاختراع الجديد مصرية 100 في المائة. ولا يحتاج إلي طاقة كبيرة إلا بقدر طاقة خلاط منزلي.. وله مردود مجتمعي صحي لأنه يكافح أمراض الفشل الكلوي والكبدي ويمنع الصرف في النيل ويمكن استخدامه في الاستزراع السمكي. ويوفر فاقد المياه بنسبة 50 في المائة ويحل مشكلتها في القري الفقيرة. وتتكلف المحطة التي تفي بحاجة قرية من 1000 منزل 500 دولار فحسب. وقد عبر المهندس إبراهيم محلب عن سعادته بالجهاز الجديد وأشاد بباحثي جامعة القاهرة ونظام تأمينها. وصرح الدكتور محمد زكي عويس صاحب الاختراع بأن الرواسب الناتجة عن عملية تحويل المياه يتم تجميعها في أكياس لاستخدامها كوقود حيوي يوفر العملة الصعبة المستخدمة في غاز البوتاجاز. سبق أن قلت إن إدارة منظومة الدولة تحتاج إلي رجال مخلصين ليأخذوا بيد الشباب والباحثين للنهوض بمجهوداتهم في خدمتها. وليس أدل علي ذلك مما قاله الدكتور عويس إن إدارة الجامعة ممثلة في رئيسها د. جابر نصار تستهدف تطوير هذه التقنية خلال المرحلة المقبلة لتكون قادرة علي تنقية مياه الصرف الصناعي. اننا نطالب الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يرعي هذا الاختراع وغيره بنفسه ضمن المنظومة التي يقوم بها لنهضة مصر الحديثة.