الأوضاع الحالية التي تعيشها اليمن الشقيقة تنبئ عن ضياع هذا البلد الذي كنا نطلق عليه في الماضي "اليمن السعيد".. والذي تحول مع تواتر الأحداث إلي اليمن القتيل. فمنذ ظهور عبدالملك الحوثي الشيعي في اليمن وقيادته لحركة "أنصار الله" خلفاً لشقيقه حسين الذي قتلته قوات الجيش اليمني عام 2004 وهو ينادي بالثورة علي الفساد حتي صدقه اليمنيون واعتبروه المنقذ من فساد البلاد والعباد في عهد علي عبدالله صالح الرئيس اليمني السابق. ومع مرور الوقت ونظراً لتصاعد سقف مطالب عبدالملك الحوثي من الحكومات التي أعقبت عزل علي عبدالله صالح وبعد توقيع القوي السياسية في اليمن علي المبادرة الخليجية تحول عبدالملك الحوثي إلي خندق المعارضة للحكومة.. وبدأ التصعيد بقوة وبدعم إيراني منذ .2012 الآن ومع كل يوم يمر أصبح الحوثيون يحكمون السيطرة أكثر فأكثر علي محافظات ومؤسسات ووزارات ومفاصل اليمن بما فيها وزارة الدفاع التي حاصروها لمدة ثلاثة أيام ولم يتركوها إلا بعدما حرك وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي قواته بالأمس لحماية وزارة الدفاع. استولي الحوثيون علي محافظاتصنعاء العاصمة والجوف وعمران والحديدة بمينائها الذي يمثل ثاني أهم ميناء في اليمن ويعد المدخل الرئيسي لواردات الغذاء إلي اليمن. أصبح الحوثيون يحصّلون إيرادات المياه والكهرباء وأرباح المصانع.. بل تجاوزوا ذلك بالاستيلاء علي مليار دولار من الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي اليمني وبعض أرصدة البنوك الأخري ويطالبون المؤسسات والأجهزة الحكومية بدفع الإيجارات والعائدات مباشرة إلي قوات عبدالملك الحوثي. تجاوز الحوثيون حدود المعقول في الدول العربية واستولوا علي كميات وأعداد كبيرة من أسلحة الجيش اليمني بما فيها الدبابات والمدرعات وأسلحة مختلفة.. وقال عبدالكريم الإيرياني مستشار رئيس اليمن إن ميليشيات الحوثيين أصبحت تمتلك الآن سلاحاً أكثر من سلاح الدولة!! ولا يخفي علي أحد مدي الخطورة التي تمثلها سيطرة الحوثيين علي مقدرات اليمن والسلطة فيها بما يتضمنه ذلك من السيطرة علي مضيق باب المندب الحيوي جنوبالبحر الأحمر.. وهو ما يعني في النهاية أن الذي يسيطر فعلياً علي هذا المنفذ هي إيران. وأكثر البلدان تأثراً من هذا الوضع هي المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر.. ومن هنا لا يمكن فصل ما يحدث في اليمن عن الزيارة المهمة التي قام بها الأسبوع الماضي رئيس جهاز الاستخبارات السعودي لمصر ولقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي معه.. وما أعقبها بأيام من زيارة مدير جهاز الاستخبارات المصري إلي السعودية ولقاء ولي العهد السعودي.