كانت الإسكندرية ذات يوم عاصمة للثقافة العالمية. ثم تقلص هذا الدور بفعل ظروف تاريخية فصارت عاصمة ثقافية لمصر فيها تصدر الصحف وتزدهر الأنشطة الثقافية وتنشأ المواهب في المجالات المختلفة مشكلة الإسكندرية هذه الأيام كما يقول مثقفوها ان دورها الرائد تراجع إلي الحد الذي يفرض السؤال: كيف تستعيد الإسكندرية ملامحها الغائبة؟ يقول الروائي مصطفي نصر: إذا كانت مكتبة الإسكندرية القديمة قد جعلت مدينة الإسكندرية عاصمة ثقافية للعالم القديم فإن تصورنا لمكتبة الإسكندرية في مرحلتها الحالية أنها تعيد للإسكندرية ذلك الدور الذي طال غيابه فتصبح عاصمة ثقافية للعالم الحديث بل إن المكتبة تحديداً يجب ان تكون هي الواجهة للمعركة الحضارية التي نخوضها في مواجهة أخطر عدوان يتهدد الوجود العربي وليس مجرد أرضه وثقافته النظرة إلي الدور الحقيقي للمكتبة يجب ان تتحدد في أبعاد حضارية وليس في مجرد خدمات ثقافية مهما سعت إلي التكامل إنها ليست خزانة للكتب ولا هي قاعات فاخرة مهيأة للاطلاع ولا هي امكانية طيبة للمؤتمرات والمحاضرات والندوات.. النظرة الاستراتيجية تتجاوز ذلك كله وتضع المكتبة في الحجم الذي نأمله لها . إن مكتبة الكونجرس علي اتصال متواصل ومتجدد بكل وسائل الإعلام في العالم فضلاً عن المؤسسات الجامعية والثقافية ومراكز الرأي العام إن المظهريات والفرقعة الإعلامية وإهمال الاستراتيجية خطر يهدد أي مشروع يحرص علي الجدية .. ومكتبة الإسكندرية هي الإنجاز الأهم الذي نخصه باحتمالات ايجابية كثيرة للمستقبل إنها التعبير عن ملامسة أحدث معطيات العصر ومنجزاته بما يهب بلادنا فرصة حقيقية في مجاوزة التخلف ويضعنا في طريق اللحاق بالتقدم الذي يمضي فيه الآخرون بخطوات واثقة وسريعة. يستطرد الروائي منير عتيبة: إن رعاية مصر الدولة لمبدعيها تتمثل في جوائز مبارك والتقديرية والتفوق والتشجيعية وهي أوسمة ينالها الفائزون بها من المبدعين والدارسين والمفكرين بالإضافة إلي الأوسمة الحقيقية التي ترافق الحصول علي الجوائز ثمة جوائز عربية لا يقتصر الفوز بها علي البلد الذي تنتسب إليه وإنما هي تأخذ صفة القومية كما في العويس والبابطين وحسن فقي وغيرها أو تأخذ صفة العالمية كما في الملك فيصل .. والجائزة الأخيرة تحديداً هي بعض الدور الذي نأمل أن تؤديه مكتبة الإسكندرية. الجائزة العالمية تجاوز المحيطين المصري والعربي إلي المحيط العالمي تحصل عليها إنجازات إبداعية علي مستوي الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والتطبيقية فلا تقتصر علي مبدعي البلد الذي تصدر عنه وإنما تحتفي بكل المبدعين بصرف النظر عن الوطن الذي ينتمون اليه القيمة وحدها هي جسر الحصول علي الجائزة ومع تقديرنا لجوائز عالمية مثل نوبل وجونكور واتحاد الناشرين البريطانيين وغيرها فإن جائزة مكتبة الإسكندرية وليكن هذا هو اسمها يجب ان تصبح مثلاً للتجرد والموضوعية بحيث ينالها من يستحقونها بالفعل وليس لبواعث سياسية مشبوهة . ويشير د. محمد زكريا عناني إلي ان لمجلس رعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية مهمة المجلس كما تدل التسمية رعاية الإبداع السكندري في مختلف المجالات والمفروض ان المجلس تشكيل مصغر للمجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة لا يمارس النشاط نفسه لكنه يعني بالإبداع السكندري فيناقش الاصدارات وينظم الندوات والمهرجانات والمؤتمرات ويرعي المواهب اللافتة تضم الهيئة في مجلس ادارتها وفي جميعتها العمومية أهم الشخصيات الفاعلة من مبدعي الإسكندرية ومفكريها وحين بدأت مكتبة الإسكندرية نشاطها توقعنا ان يشمل هذا النشاط نوعاً من التعاون بين المكتبة وهيئة الفنون ما أسهل ان نوجه الاتهام إلي المكتبة بأنها لا تؤدي الدور الذي نأمله منها ولكن هيئة الفنون قائمة في الحياة السكندرية قبل إنشاء المكتبة بسنوات وقد سعت الهيئة إلي المكتبة تطلب عونها من حيث توفير المكان المناسب لتقديم أنشطتها فتعيرها إحدي قاعاتها والهيئة بلا مقر حقيقي حتي الآن! من واجب الهيئة أيضاً ومن حقها ان تطلب دعم وزارة الثافة ذلك ما حصل عليه اتحاد الكتاب ونادي القصة بالقاهرة ونادي القصة السكندري وهيئات ثقافية أخري علي امتداد أقاليم مصر ولدي هيئة الفنون والآداب مشروعاتها وخططها لتغطية الأنشطة المختلفة وتسمية اللجان التي تتولي تنفيذ هذه الأنشطة . وتعبر الروائية مني عارف عن رأيها في خطوات محددة: نحن نتطلع إلي استعادة دور الإسكندرية كعاصمة ثقافية قطعنا شوطاً يصعب إغفاله بإعادة انشاء مكتبة الإسكندرية يبقي ان تتلاحق بعد ذلك خطوات أخري تجعل الهدف في قبضة اليد. ومنها إعادة تحويل صالات الأفراح إلي ما كانت عليه كدور للسينما وإنشاء فرق مسرحية علي مستوي قومي وقيام قصور الثقافة بدور أكبر فعالية فلا تقتصر علي الأنشطة الروتينية والشاحبة وإصدار صحف ودوريات تعيد لحركة النشر إيقاعها وريادتها وتنشيط حركة التبادل الثقافي مع مدن التآخي في أرجاء العالم. وحصول أكاديمي جامعة الإسكندرية علي دورهم المطلوب في إثراء الحركة العلمية والثقافية في الثغر. واتساقاً مع النظرة المستقبلية لثورة الخامس والعشرين من يناير يقصر الأديب حسام عبدالقادر حديثه عن "أمواج" إنها أول مجلة الكترونية يصدرها إقليمالإسكندرية الثقافي يحررها منير عتيبة وحسام عبدالقادر بمعاونة ذكية من المهندس الشاب محمد حنفي.. استطاعت المجلة ان تجتذب أكثر من عشرة آلاف زائر شهرياً واعتبرت في دراسة للطبعة العربية من مجلة "انترنت شوبر" ضمن أفضل 25 موقعاً عربياً علي الإنترنت مع دار التحرير والأهرام واليوم السابع تكاليف المجلة أقل بكثير من تكاليف أي مجلة ورقية ومع ذلك فإنها تصدر ربع سنوية وهي فترة تحض علي عدم متابعة هذه المعلومات أقدمها إلي محافظ الإسكندرية وأعبر عن أملي في ان يتاح لأول مجلة ثقافية عربية ان تواصل الصدور في مواعيد متقاربة ومنتظمة بما يعينها علي الإضافة والتطوير