من آفات بلادنا المتوارثة أنه لا يوجد معايير محددة سلفاً ترتكز لرؤية استراتيجية واضحة في اختيار المحافظين. وقد يكون هذا سبباً للأداء المتردي. والذي ازداد سوءاً في زمن حكومة المقاتلين. والتي آن الأوان أن نضعها في الميزان ونخضعها للتقويم العادل. ومما يدعونا للدهشة أن شيئاً في بلادنا لم يتغير. فغالباً ما تتم ترشيحات السادة المحافظين بناء علي أسس غير موضوعية وغير محايدة. قوامها المحسوبية وأهل الثقة وغالباً ما يتم استبعاد أهل الخبرة والاختصاص. ولم يتبدل الحال بعد الثورة فإذا أراد أهل الحل والعقد تكريم مسئول أمني كبير أو صاحب وظيفة مرموقة يتم ترشيحه في أول حركة للمحافظين. وعليه أن يختار من بين المحافظات الأجمل والأليق والأنسب له ليقضي آخر أيام عمره المديد مستمتعاً وفي الغالب يكون هذا المسئول المكرم قد "سلم نمر" كما يقولون وليس لديه جديد فيقضي أيامه بالمحافظة تائهاً متردداً مرتعشاً يعتمد علي المعارف والمقربين جداً. ويحتاج وقتاً طويلاً لفهم المشكلات حتي أصبحت مهنة المحافظ مهنة من لا مهنة له!! ولتلك القاعدة بعض الاستثناءات فهناك محافظون تركوا بصمات وأعمالاً جليلة في المحافظات التي خدموا بها ولكنها حالات نادرة. وفي بلاد الدنيا المتحضرة الحكم المحلي وإدارة المقاطعات والمحافظات والضواحي أمر يعمل له ألف حساب. أما عندنا فنزهة وعمل ترفيهي. فالإصلاح وإدراك الأهداف والغايات المتنوعة تبدأ وتتدرج دائماً من القاعدة. وتعتمد الأنظمة المتحضرة علي كوادر إدارية متميزة يتم اختيارها بعناية فائقة ودقة متناهية. تستند إلي المعايير العلمية والكفاءة والشفافية وطهارة اليد واللسان!! بصراحة الناس في انتظار محافظين بمواصفات خاصة ومن أبناء المحافظة العارفين بطبيعتها الملمين بهمومها وقضاياها فأهل مكة الأدري بشعابها والأحق بقيادتها. لقد ضجر أهل مصر واستقبحوا أفعال النماذج السيئة من المحافظين كالذي نهر أحد المرضي وقام بطرده مخافة العدوي ولم يحرك ساكناً لحالته الإنسانية المؤلمة والمحافظ الذي سب الأهالي وجاء بفعل مشين بذيء ساخراً من همومهم والثالث الذي قبل يد الوزير ليوافق علي إنشاء أحد الكباري بمحافظته. والذي ينسب كل المشكلات لموروثات الزمن الفائت وغيرهم.. والأمثلة لا تعد ولا تحصي!!