"زوجي عليه عفريت.. ويريد قتلي".. بهذه الجملة القصيرة حصلت "عفاف" علي حريتها. وطُلقت من زوجها بحكم من القضاء. وفارقت هذا الزوج "الممسوس" من الجان. إلي الأبد. ونجت بحياتها بعد أن كانت علي بعد خطوات من القبر. عاشت المسكينة مأساة إنسانية كبيرة لمدة عشر سنوات هي عمر زواجها فبعد أن وافق والدها علي أول رجل تقدم للزواج منها. ووفقاً لعادات القرية. لم تتعرف عليه قبل الزواج. لكن بعد زواجها بأسبوع. اكتشفت "عفاف" أن زوجها "ممسوس. أو عليه جان". كما قال لها أهل زوجها. وظنت أن الأمر بسيط. وحالة زوجها في طريقها للشفاء. خاصة أنها لم تر منه شيئاً مريباً يثير شكوكها. في ليلة لا تنساها. وأثناء وجودها بالحمام. دخل عليها زوجها وقال لها: إن الجان أمره بقتلها. لأنها خائنة. ظنت "عفاف" أن زوجها يداعبها. أو يسخر منها. لكنها عندما نظرت إلي ملامحه. وشاهدت تعبيرات الغضب والجنون واضحة علي وجهه. وشاهدت السكين في يده. صرخت بأعلي صوتها تستغيث بأهل البيت ليخلصوها منه. اقتحم أهل زوجها الشقة. وأنقذوا المسكينة من بين يديه. وهو يرفع السكين في وجهها. ويصيح في هياج: "هاقتلك يا خاينة.. الجان أمرني أقتلك"!!! بعد هذا الحادث تأكدت "عفاف" أن حياتها مع هذا الشخص مستحيلة. وأن الطلاق هو الحل الوحيد للهروب من هذا الجحيم الذي تعيشه إن ظلت مع هذا الزوج.. جلست حماتها معها طويلاً وحدثتها بكلام لمس قلبها. وأقنعتها بأنهم سيعالجون ابنهم في أسرع وقت. وبأي ثمن. وطلبت منها أن تحتمل قليلاً. وتصبر علي زوجها وستري نتيجة ذلك الصبر سريعاً. ظلت "عفاف" حائرة لا تستطيع اتخاذ القرار الذي قد يغير مجري حياتها.. وشاء الله أن تتحسن حالة زوجها رويداً رويداً. كما أحاطها أهل البيت بالرعاية والحب والحنان. مما عوضها عن معاناتها مع زوجها الذي كانت تأتيه نوبات هياج علي فترات متباعدة. وبصورة أقل من المرة الأولي. واعتادت "عفاف" علي حياتها الجديدة. خاصة أنها كانت تقضي أغلب وقتها مع والدة زوجها. التي كانت بمنزلة أمها تماماً. مر عامان علي هذا الحال. إلي أن أنجبت "عفاف" مولودها الأول "أشرف" الذي فرح به زوجها كثيراً. واستقرت حالته إلي حد كبير. خاصة بعد تردده عدة مرات علي أحد المعالجين بالقرآن الكريم في قريته. وبعد مرور عام ونصف العام. وضعت "عفاف" مولودها الثاني "عماد" الذي كان صورة طبق الأصل من أبيه.. وسارت الحياة طبيعية لا ينغصها إلا حالة زوجها التي كانت تخيفها وتخشي علي أولادها من وراثتها. بعد سنوات قليلة. ماتت حماتها فجأة. ونزل هذا الخبر كالصاعقة علي رأس "عفاف". وأصيبت بحالة من الحزن الشديد والاكتئاب. خاصة أن حماتها كانت أقرب الناس إليها. ومصدر حمايتها من تقلبات زوجها ومرضه الغريب.. وأحست أن موت حماتها نذير شؤم عليها وعلي ولديها. وصدق إحساسها. فبعد مرور بضعة أسابيع أصيب زوجها مرة أخري بمرضه القديم. وظهرت أعراضه بصورة أعنف من كل المرات السابقة لدرجة أنه كلما رآها جري خلفها داخل البيت متهماً إياها بخيانته. وأن طفليه ليسا من صلبه. وأن الجان أخبره بذلك. وأمره بقتلهم جميعاً. خافت "عفاف" علي نفسها وعلي طفليها. فتركت المنزل ورفعت دعوي أمام المحكمة تطلب تطليقها للضرر. وبعد عام كامل من التقاضي حصلت علي حريتها. ونجت بحياتها وحياة ولديها من جحيم زوج "ممسوس". ورغم مرور أكثر من عام علي مغادرة "عفاف" لبيت الزوجية. والخروج نهائياً من هذا الزوج المجنون. إلا أن الكوابيس مازالت تطاردها كل ليلة. وعندما تستيقظ من نومها. تشعر بكثير من الأوجاع.