مازالت كليات الزراعة تبحث عن طلاب للالتحاق بها.. والعزوف عن الالتحاق بكليات الزراعة مشكلة مزمنة عمرها سنوات طويلة..!! أكد خبراء وأساتذة كليات الزراعة أنها تعاني منذ سنوات العزوف سببه الخريجين وعدم وجود مستقبل مبشر في سوق العمل.. كما ان الزراعة اصبحت تعتمد علي التكنولوجيا الحديثة مما اوجد فجوة تقنية كبيرة بين ما يدرس والنظم الحديثة في الزراعة وكذلك تقسيم الكليات إلي قمة وقاع جعل كليات الزراعة مستبعدة لدي الطلاب واسرهم ونقابة المهن الزراعية لا تفيد أعضاءها ولا تحميهم حتي المعاش قد يأتي كل سنة مرة بمبلغ مائة جنيه فقط! أشاروا إلي أن انقاذ هذه المؤسسات التعليمية يتوقف علي تحديث النظم التعليمية لمواكبة الحديث والمطلوب في سوق العمل وان مشروع استصلاح مليون فدان في حاجة إلي استراتيجية متكاملة حتي لا يلحق بمشروع توشكي وترعة السلام والصالحية. د.علي عبدالرحمن رئيس الاتحاد العربي للتنمية المستدامة واستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية أكد أن تراجع الاقبال علي كليات الزراعة مشكلة مطروحة منذ عدة سنوات بسبب بطالة الخريجين كما أن معظم خريجي هذه الكليات غير متمرسين في العمل الزراعي باستثناء الذين يعيشون منهم في الريف. مشيرا إلي أن هناك كليات تقبل أيضا مجاميع منخفضة مثل الشرطة والعسكرية وهذا العام كان هناك تدافع شديد علي الالتحاق بها نظرا للامتيازات المتعددة التي توفرها من فرص عمل وسكن وغيرها!! أوضح أن مشروع استصلاح المليون فدان لم يعرض بشكل متكامل ونخشي أن يلحق بمشاريع الاستصلاح السابقة التي فشلت مثل الصالحية وتوشكي وترعة السلام والمنيا حيث إن عدم التخطيط وتغطية جميع الاحتمالات وعدم وجود بدائل للمعوقات هي السبب في فشل المشروعات السابقة. فمثلا مشروع الصالحية والمنيا تم توزيع 85 ألف فدان وكان مخططا لها ان يتم الري بالمياه الجوفية لكن بعد الحفر تبين انها مالحة لا تصلح للزراعة لذلك حتي يكون هناك مشروع استصلاح أراض زراعية واقعي وقابل للتنفيذ لابد من إعداد استراتيجية متكاملة علي أسس وتجارب مع الاستعانة بالخبراء والمتخصصين في جميع المجالات. أضاف أن هناك 16 كلية زراعة علي مستوي مصر والكلية بها العديد من التخصصات ليس زراعة فقط وإذا تم الوصول إلي نتائج ايجابية لمتخصصي الزراعة والمحاصيل فماذا عن التخصصات الأخري مثل الألبان والاقتصاد والمبيدات؟! دور الدولة د.عبدالغني الجندي أمين لجنة قطاع الدراسات الزراعية وعميد كلية زراعة جامعة عين شمس سابقا يري أن مستقبل خريجي كليات الزراعة غير واضح أو مبشر في سوق العمل وهو السبب الرئيسي في عزوف الطلاب عن الالتحاق بكليات الزراعة.. كما أن هناك العديد من العوامل منها اهتمام الدولة بالمناطق الحضرية وتهميش المناطق الريفية ما ادي إلي تزايد الطلب علي الحضر وافتقاد الاهتمام بأمور الزراعة.. كما تراجعت الدولة أيضا عن دورها في الزراعة المصرية واستصلاح الأراضي مما يهدد استمرارية هذه الكليات كمؤسسات علمية فاعلة ويهدد الزراعة المصرية. أوضح أن هناك فجوة تقنية ومعرفية بين ما يدرس بكليات الزراعة وما يتطلبه سوق العمل حيث طرأ علي الزراعة الحديثة نظم تكنولوجية متطورة وللأسف يفتقدها خريجو الزراعة نظرا لتعلمهما وفقا لنظم زراعية قديمة.. كما أن الطالب يتلقي المعلومات والأسس العلمية بشكل نظري فقط دون تطبيق أو حتي تجربة ميدانية لذلك تفضل الشركات الزراعية الكبري الخبرة الاجنبية لما لديها من مهارات فنية إنتاجية وتسويقية متكاملة ومتخصصة في إنتاج محصول معين بداية من تجهيز الأرض والتعليب والتغليف والشحن والتخزين كذلك القدرة علي الإدارة والاشراف علي العملية الزراعية من ري وتسميد حتي يخرج المنتج بالمواصفات التصديرية المطابقة للأسواق الأوروبية. أشار إلي بعض العناصر المقترحة لمواجهة أزمة كليات الزراعة والنهوض بها وجذب الطلاب أهمها البدء الفوري في إعادة هيكلة كليات الزراعة ووضع استراتيجية للتعليم الزراعي تتضمن تحديث أهداف وبرامج الكليات بما يواكب الاتجاهات العالمية وما يتفق مع سوق العمل مع أهمية قيام كليات الزراعة بمراجعة وتطوير البرامج الدراسية وتوافقها مع متطلبات العمل لزيادة فرص العمل أمام الخريجين خاصة في مجالات التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والمعلومات والاستشعار عن بعد. أكد أن الدولة عليها دور في توفير ميزات خاصة لخريجي كليات الزراعة كما كان يحدث من قبل حيث كان يتم توزيع الأراضي وقصرها علي خريجي كليات الزراعة والتي كانت جاذبة للتعليم الزراعي ونتمني من خلال مشروع استصلاح المليون فدان أن يعيد الأمل والبريق إلي كليات الزراعة إذا تم تخصيص أراضي مستصلحة وتمليكها لخريجي الزراعة وتوفير تمويل وسكن ملائم لضمان نجاح الخريجين مع توفير المياه والمتطلبات الزراعية من سماد ومبيدات وتكوين مجمعات تعاونية إنتاجية لإدارتها وبذلك يسهم في زيادة إنتاج الغذاء محليا.. وان تتبني الدولة بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي والقطاع الخاص المشاريع الصغيرة لشباب الزراعيين ولابد من إشراك كليات الزراعة في جهود الدولة لتحقيق الأمن الغذائي. أشار إلي إمكانية الاستفادة من المواقع المتميزة للكليات مثل كلية زراعة الإسكندرية كميناء هام لتصدير واستيراد الحاصلات الزراعية لتحسين فرص التصدير في الأسواق العالمية وعلي رجال الأعمال أيضا أن يشاركوا الشباب بتخصيص منح دراسية للطلاب المتفوقين كما تفعل كلية زراعة جامعة القاهرة وتوفير فرص لتدريب الخريجين ودعم البحث العلمي بكليات الزراعة وتفعيل برنامج شامل لتحديث الزراعة المصرية اسوة ببرنامج تحديث الصناعة المصرية. أضاف أن تبني الدولة لاستصلاح المليون فدان إذا تم طرحه باستراتيجية متكاملة سوف يتيح اكثر من 3 ملايين فرصة غالبيتهم لخريجي الزراعة مما يزيد من الطلب عليها وكذلك المشروع القومي لتطوير الري الحقلي في 5 ملايين فدان في أراضي الوادي والدلتا سوف يوفر اكثر من مليوني فرصة عمل والأولوية أيضا لخريجي الزراعة. د.أسامة الحسيني الاستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة.. أكد أن البرامج الزراعية التي تدرسها كليات الزراعة لا تتواكب مع التطور التكنولوجي في مجال الزراعة. فلابد من تغيير كامل واستخدام الاساليب التكنولوجية والتقنية الحديثة في النظم التعليمية حتي تتناسب مع فرص العمل لدي الشركات التي تعمل في مجال الحاصلات الزراعية وصناعة المنتجات الزراعية!! أشار إلي أن نقابة المهن الزراعية لا تحافظ علي المهنة ولا تحمي أعضاءها فهي النقابة الوحيدة التي لا تقدم معاشا حقيقيا بل قد تمنح كل 6 أشهر أو سنة الأعضاء مائة جنيه فقط وتحت مسمي "معاش"!! أوضح أن توزيع 5 أو 10 أفدنة علي كل خريج لا يشجعه علي الزراعة فالجرار الذي قد يستخدمه في الارض وغيرها من أدوات الزراعة يتكلف عبئا ماديا كبيرا علي مساحة صغيرة لذلك إذا كانت الدولة تستهدف من وراء مشروع المليون فدان جذب طلاب الزراعة فعليها أن تمنح كل شاب 50 فدانا كوحدة اقتصادية لتحفيزه علي زراعة الارض والكسب.. ويجب ان تكون هذه الارض لها بنية اساسية وتستخدم اساليب الري الحديثة.. وانه يشارك رجال الاعمال بإقامة مشروعات لتصنيع الحاصلات الزراعية ليكون هناك منظومة متكاملة وبذلك نجذب الطلاب للالتحاق بكليات الزراعة. د.أشرف البرقاوي عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة سابقا واستاذ الإنتاج الحيواني أوضح أن الطالب يهتم بمستقبله العملي بعد انتهاء دراسته الثانوية فيوجه اختياراته في ضوء الكلية او الدراسة التي توفر له العمل بعد تخرجه وللأسف الشديد فإن حجم الاستثمار في المجال الزراعي أقل بكثير من الاستثمارات الاخري مثل التكنولوجيا والتعدين والاتصالات التي توفر فرص عمل عديدة!! أشار إلي أن تقسيم الكليات إلي كليات قمة وقاع جعل هذه النظرة المجتمعية تضع كلية الزراعة في القاع نظرا لقبولها من مجاميع قليلة 50% والاسرة تشارك الطالب في تحديد اختياراته وقد تفضل التحاقه بمعاهد وجامعات خاصة بدلا من كليات الزراعة!! أكد أن الدولة يجب أن تحفز الشباب علي الالتحاق بهذه الكليات ليكون هناك في مجال الزراعة وعليها ايضا أن تمنح خريجي الزراعة ميزات تطمئنهم علي مستقبلهم فيمكن من خلال مشروع المليون فدان ان تقدم نصف مليون فدان لأفضل شركات متخصصة في إنتاج المحاصيل الزراعية ونصف مليون فدان إلي خريجي الزراعة بواقع عشرة أفدنة لكل خريج وحتي لا نعيد قضية تفتيت الاراضي الزراعية يمكن ان يحصل الخريج علي حصته علي شكل اسهم مع تعيينهم في هذه الشركات وبذلك يتم بناء كيان قوي يضمن الانتعاش الزراعي والإقبال علي الالتحاق بكليات الزراعة.