لم أكن قد قرأت مقال مجدي الجلاد "أنا مكسوف" ولا تابعت الضجة التي أثيرت حوله.. لكنني قرأت يوم السبت الماضي صدي المقال لدي الزميلتين عزة يحيي. نائب رئيس تحرير "المساء". وآمال عثمان في "أخبار اليوم".. بالطبع عدت إلي مقال الجلاد. ومقال جديد تابع فيه ما قاله في المقال الأول تحت عنوان: "وماذا يفيد الكسوف"؟!! القضية التي أثارها الجلاد في مقاليه تتعلق بتدني المستوي المهني والأخلاقي للإعلام المصري بسبب غياب العقل والضمير والمهنية عن كثيرين ممن ينتسبون زوراً وبُهتاناً إلي هذه المهنة السامية. وهم غير مؤهلين لها.. فكانت النتيجة التي نعيشها من فوضي واضطراب وفتن وانفلات وشائعات وأكاذيب لا آخر لها. الجلاد مصدوم ومكسوف من سيطرة الجهل والسطحية علي بعض الإعلاميين.. وتحول البعض بفعل النفاق السياسي. وسيطرة رجال المال علي الإعلام. إلي زعماء سياسيين يتصورون أنهم يوجهون الناس إلي حيث يشاءون. عزة يحيي قالت: إن إعلامنا مستباح من أنصاف المهنيين. و"أنصاف المتعلمين". الذين يسيئون استخدام السلطة. ويخونون المسئولية. وأصبحوا أداة هدم في المجتمع.. وتري أنه مهما وضع القائمون علي المهنة مواثيق الشرف. ومهما نصت علي مبادئ وقواعد. فلن تكون مجدية إن لم يتم تنقية المهنة من أنصاف الموهوبين. ومعدومي الضمير.. ولكن كيف يحدث ذلك؟!! أما آمال عثمان فقد تساءلت: كيف تحول الإعلام إلي مهنة سيئة السمعة. تنشر الشائعات. ولا تتحري الحقائق. وتضرب تحت الحزام؟!!.. وانتقدت كتيبة الإعلاميين المنتمين لفصيلة "الحرباء".. هؤلاء الذين كانوا تلاميذ وأساتذة في مدرسة النفاق والتعليل.. وخُدَّاماً ومرتزقة في بلاط الإعلام المضلل. فاقد الضمير والانتماء.. ثم أصبحوا بقدرة قادر يزاحمون علي الصفوف الأولي بعد الثورة.. ويغيرون جلودهم مع كل مشهد. ويتلونون مع كل تغيير بسرعة تفوق سرعة الحرباء. معتمدين علي أن الإنسان من طبائعه النسيان. والحقيقة التي لا مراء فيها أن اعتراف مجدي الجلاد وكسوفه جاء متأخراً جداً.. فمنذ زمن بعيد.. تجاوز الأربع أو الخمس سنوات. لعب الإعلام دوراً سلبياً وهداماً لتدمير المجتمع المصري.. وما نحن فيه اليوم من فُرقة وتشتت واضطراب. إلا نتيجة من نتائج هذا الدمار الإعلامي الجاهل السطحي.. الذي جعلنا أضحوكة بين الأمم.. وجعل البعض يصفونه بالإعلام المسموم!!! لقد دافعنا كثيراً عن حرية الإعلام.. ولا أدري هل كتب علينا وحدنا من دون الأمم أن تتحول الحرية عندنا إلي فوضي وخراب.. وأن تنتكس كل خطاوينا إلي الوراء.. وأن تصبح الغلبة في النهاية للتُجار والنخاسين. والجهلة والسطحيين. وأصحاب المصالح؟!! إنني أضم صوتي إلي صوت آمال عثمان وهي تقول: "نحن لا نريد إعلاماً يتملق الرؤساء ويرضي الوزراء. ولا نستهدف كتبة في بلاط النظام. ولا نبتغي إعلاماً يغض البصر عن الأخطاء. ويهلل ويسبح بحمد النظام.. لكننا نريد إعلاماً لا يغتال الوطن. ولا يهدم الأخلاق.. نريد إعلاماً مستنيراً يتقي الله فيما يقول. ويزن الكلمة بميزان الذهب.. إعلام ضميره يقظ وفؤاده منزوع الأحقاد والتفاهات.. نحتاج إعلاماً لا يبحث عن المكاسب والمصالح. وفرض الأجندات.. إعلاماً يعيد للدولة هيبتها. وللوطن مكانته. وللأخلاق والقيم دستورها. لكن يبقي السؤال الصعب: كيف ذلك؟!!.. كيف وإعلامنا يسبح في الجهل والسطحية وانعدام الضمير؟!!