لا أحد توقف جاداً أمام السؤال التالي: ماذا لو كانت الثورة قد فشلت واستمر حسني مبارك في حكم مصر ومعه جماعته من الوزراء وكبار أركان حكمه مثل: زكريا عزمي وصفوت الشريف وباقي المجموعة التي كانت تدور في فلك نظامه بمن فيهم رموز المعارضة الرسمية المحسوبة علي النظام؟ الانتقام ولا شيء غيره كان سيطول رقاب الجميع مع مزج كوكتيل من الهلع والفزع والرعب كان سيتجرعه هؤلاء الأنقياء الذين قاموا بمغامرتهم الكبري بدءًا من يوم 25 يناير في ميدان التحرير بالقاهرة وفي حي الأربعين بالسويس ومن أمام مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية وغيرها من الميادين والمدن. الانتقام كان سيجد مبررات كثيرة واتهامات جاهزة من نوعية "قلب نظام الحكم. والخيانة العظمي والعمالة للخارج". لم تكن مصر لتهدأ ولم يكن نظام مبارك سيتورع عن غمس يديه بأصابعها العشرة في دماء المصريين علي جميع طوائفهم لسنوات حتي يشفي غليله. هل يتخيل أحد كيف سيكون رد فعل جهاز أمن الدولة الرهيب حينها؟ أو التحولات والارتدادات السريعة في المواقف؟.. موقف جماعة الإخوان المسلمين مثلاً أو شخص مثل رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أو حمدي خليفة نقيب المحامين.. حمدي رزق وأسامة سرايا وممتاز القط وعبدالله كمال؟ .. حبيب العادلي وسوزان مبارك.. شيخ الأزهر والبابا شنودة الثالث وعادل إمام.. حسام حسن وتوأمه إبراهيم. السيد البدوي وعادل حمودة. أنس الفقي وتامر أمين وخيري رمضان ولميس الحديدي. هل انسالت التداعيات في مخيلتك من مجرد ذكر الأسماء أم تريد المزيد؟ لكن ما مناسبة الحديث عن هذا السيناريو العكسي؟ دعوات العفو عن الرئيس المخلوع الذي تتكاثر عليه الأمراض في مستشفاه بشرم الشيخ وتحول دون حبسه فعلاً أو إيداعه قفص الاتهام أثناء نظر قضيته. هو الانتقام الثوري إذن؟ كلا. هو الحق والعدل والقصاص الذي تطالب به تلك الجموع التي لا تقوي علي أن تنسي لمبارك أو تغفر له آلاف المآسي التي خلفها نظام حكمه: من تعذيب وقتل واعتقالات واختفاء قسري واستهتار بأرواح المصريين. آلاف الأمهات اللاتي أثكلهن دون أن يطرف له جفن.. نظام قاسي حكم بالحديد والنار ليبقي في قصر الرئاسة ما دام القلب ينبض والنفس يتردد. لكنه في النفس قبل الأخير يطلب العفو والسماح. بل انه حتي لم يطلبهما غشماً وغروراً واستعلاء وكبراً ومقتاً لشعب لم يحبه ولم يبادله هو الحب أو أي عاطفة صادقة لأنه كان يعلم يقيناً طول الوقت ان هذا الرئيس الراقد بعيداً عنه منزوع القوة واهن العزم لم يكن ليفلته لو استطاع. مبارك لم يكن في حدب عبدالناصر علي الشعب ولا أريحية السادات. من ثم يستحق لعنة هذا الشعب. لا موت لك . ولا عفو .. ولا سماح.