غداً يمر 44 عاماً علي هزيمة 1967 هذه الهزيمة التي أطلقوا عليها النكسة يجب أن نتذكرها دائماً.. فهي مليئة بالأخطاء البشعة التي أدت بنا إلي أزمات ما أنزل الله بها من سلطان من كافة النواحي. لم تكن حرب 1967 بين جهتين.. ولكن كانت هناك جهة تقود حرباً كلامية والجهة الأخري تشن حرباً عسكرية.. كان رئيس الدولة لا يعرف شيئا عمَّا يدور علي الجبهة كان يظن شيئا والواقع شيئ آخر وهذا الكلام ليس من عندي ولكن من مذكرات محمود رياض وزير الخارجية وأمين عام الجامعة العربية بعد ذلك. يقول.. في يوم 7 يونيه 1967 جاء إلي مصر عبدالعزيز بوتفليقة وكان وزيراً لخارجية الجزائر في ذلك الوقت واجتمع مع الرئيس جمال عبدالناصر في منزله.. وشرح له الرئيس الوضع في سيناء من خلال الخرائط وقال إن القوات المصرية ستنسحب إلي خط المضايق التي هي تلال وعرة وستظل بها لتمنع تقدم القوات الإسرائيلية.. كان الرئيس يتحدث عن المضايق كخط الصمود في ثقة وحماس شديدين.. ولكن كان المشير عبدالحكيم عامر قد سبق وأصدر أوامره مساء يوم 6 يونيه بالانسحاب الشامل إلي غرب القناة.. ويضيف محمود رياض حتي هو كوزير للخارجية كانت المعلومات التي تصله مضللة فقد أشارت بلاغات القيادة إليه أنه تمت إبادة قوة من المظليين الإسرائيليين في ممر مثلا.. واتضح أنها كانت معلومات مغلوطة. المهم أن هذه الحرب رغم مرور 44 عاماً إلا أن الخوف كل الخوف في المغامرات غير المحسوبة وفي ذلك قرأت من مذكرات المهندس سيد مرعي الذي كان وزيراً للإصلاح الزراعي.. ووزيراً للزراعة ووكيلاً لمجلس الأمة.. وقائع تشير إلي ما كانت إسرائيل تعد له.. ففي سنة 1966 وقع حادث بقرية كمشيش بالمنوفية ذهب ضحيته مواطن واحد من أعضاء لجنة الاتحاد الاشتراكي وأشارت أصابع الاتهام إلي عائلة تمتلك الحد الأقصي للأراضي الزراعية. وفي الحال قامت قيامة الاتحاد الاشتراكي وازدحمت الصحف بالأخبار والتحقيقات والصور التي جعلت الرأي العام يهتم بها وعلي الفور أصدر جمال عبدالناصر قراراً بتشكيل اللجنة العليا لتصفية الاقطاع برئاسة المشير عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة ومنها تفرعت لجان وبها تمت أعمال تعذيب وقمع وتحديد آخر للملكية الزراعية.. وانتقل الأمر إلي مجلس الأمة لمناقشة هذا الوضع المتدهور من قبل الاقطاعيين.. والأعضاء يجمعون علي توقيع مزيد من العقاب لهم.. وتصاعدت المناقشات كما ذكر سيد مرعي ليس كحادث في قرية من القري ولكن كتهديد للنظام السياسي. وبينما كانت هذه المناقشات تدور ألقي سيد مرعي بقنبلة فقال: ما هذا الذي يحدث وما كل هذه الضجة التي تجري مناقشتها في كل مكان وهناك تطورات هامة تجري علي الساحة الخارجية.. فمثلا هناك تحولات في محطة ديمونة بإسرائيل لصناعة القنبلة الذرية.. وأعلنت أمريكا عن تسليم إسرائيل صفقة أسلحة عبارة عن 200 دبابة و80 طائرة.. وكانت ثالث صفقة تتسلمها خلال فترة قصيرة. بصراحة كان القائمون علي أمر البلاد في تلك الفترة يتصورون تصورات واهمة بأن الاقطاع يتربص بالريف.. ونسوا تماماً بأن هناك عدواً خارجياً يتربص بهم والنتيجة أن إسرائيل انتهزت فرصة هذه الإجراءات الداخلية وانشغال المسئولين وانقضت علي مصر يوم 5 يونيه. هل يمكن أن نعي هذه الأحداث خصوصاً وأن صحفنا تتحدث عن نوايا إسرائيل وتلوح باحتلال سيناء. أخشي أن تنتهز إسرائيل فرصة الانشغال بالمظاهرات والمطالب الفئوية.. والشعارات الرنانة.. ويحدث مالا يحمد عقباه.