من أغرب ما قرأته في سيل الأخبار التي تنهمر علينا هذه الأيام حول نظام الحكم مستقبلا في مصر توصية للجنة النظام الانتخابي المتفرعة عن مؤتمر الوفاق القومي أنه يشترط حصول المرشح لرئاسة الجمهورية علي شهادة اتمام التعليم الأساسي.. أي الشهادة الإعدادية!! ولنتخيل معا أن مواطنا مصريا حصل علي شعبية نتيجة لوقوف تيار أو تيارات خلفه مؤيدة له. ولم يكن يحمل سوي الشهادة الإعدادية وتقدم للترشيح لرئاسة الجمهورية وتحقق ما لم يتوقعه أحد ونجح وأصبح رئيسا لجمهورية مصر العربية. رئيس جمهورية يحكم شعبا تعداده 85 مليونا أو يزيد.. وبه مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الحاصلين علي شهادات عليا "بكالوريوس أو ليسانس" وشهادتي الماجستير والدكتوراه.. كيف يتصرف هذا الرجل الذي يفك الخط مع هؤلاء جميعا؟!! كيف يمكن لهذا الرئيس المفترض أن يفهم..ناهيك عن أن يوجه في السياسات الداخلية والخارجية؟! وكيف يمكن له أن يستقبل رؤساء وزعماء وملوكا وسلاطين وأمراء ورؤساء وزارات ووزراء من دول عديدة ويناقش معهم الموضوعات المطروحة علي بساط البحث والمهام التي حضروا من أجلها. أعلم أن هذا حدث في إحدي الدول العربية حيث قفز إلي سدة الحكم رجل لا يحمل حتي الشهادة الإعدادية.. وقد امتدت فترة حكمة عشرات السنوات. وأصبح ديكتاتورا لا يريد أن ينخلع من كرسي الرئاسة حتي ولو مات نصف شعبه!! فهل نرضي لمصر أن يحكمها رجل مثله؟! أعتقد أن اللجنة التي أقرت هذه التوصية لا ترقي إلي مستوي المهمة التي كلفت بها ما دام هذا تفكير أعضائها وما دام هذا مبلغهم من العلم.. لجنة ترضي بأن يكون رئيس الجمهورية حاصلا علي شهادة التعليم الأساسي ليقود دفة الحكم في مصر في زمن تلهث فيه الدول والشعوب وراء العلم والتكنولوجيا ليكون لها الريادة والسبق والتفوق علي الآخرين. لم تقتصر اللجنة "العبقرية" علي ذلك.. بل اقترحت أن تكون مدة رئاسة الجمهورية خمس سنوات ميلادية قابلة للتجديد لمدة واحدة تالية بدلا من 4 سنوات!! يبدو أننا شعب لديه عقدة "السادية".. نريد أن نخضع لحاكم واحد أكبر مدة ممكنة ليتحول علي مر الزمن إلي ديكتاتور جديد!! لماذا الاصرار علي خمس سنوات؟! أربع سنوات تكفي وزيادة فإن أحسن أعيد انتخابه وإن لم يحسن يتوكل علي الله ونكسر وراءه "جره"! إننا إذا عدنا إلي التفكير بهذه الطريقة سيأتي علينا يوم يكون الحاكم قد أمضي عشر سنوات في الحكم فينبري من بيننا من يطالب بتعديل الدستور لفتح المدد إلي مالا نهاية.. فقد تعودنا علي النفاق وأصبح طبعا أصيلا فينا ثم نعود ونشكو ظلم الحاكم وتجبره. نحن أعداء أنفسنا.. وأولي بهذه اللجنة أن تترك مكانها لمن هم انضج منها فكراً وأحرص علي حرية شعب مصر.