القاهرة عند الكثير من أبناء الريف هي: الأزهر والسيدة زينب وسيدنا الحسين والسيدة عائشة والسيدة نفيسة وفاطمة النبوية وغيرهم من الأولياء وهي ليست شيئا آخر قط بعد أن يضع القادمون من الريف حقائبهم في بيوت الأهل الذين يستضيفونهم يبدأون حالا رحلة تشغلهم ويعدون أنفسهم لها قبل أن أتوا إلي القاهرة يزورون أضرحة آل البيت وأولياء الله الصالحين ويحرصون علي الصلاة في السيدة زينب والتبرك بمقام الحسين. بل ان عادة الكثير من الأسر أن تنزل إلي القاهرة مصر كل عام لزيارة أولياء الله ويجيب المرء عن السؤال: إلي أين تسافر؟ يقول: أزور أحباب الله. أصلهم نادوني! وغالباً ما يؤدي القادمون من المدن الإقليمية الصلاة في جامع الحسين أو جامع السيدة زينب. يقين الناس ان من دخل مقام الولي وبالذات ان كان من آل البيت وجد من الانس بالله والروعة وترويح النفس ما ينسيه همه. زيارة أولياء الله الحسين والسيدة زينب في الدرجة الأولي واجبة إذا قدم المرء للقاهرة في عملية شراء أو لقضاء مصلحة في وزارة لذلك فإن في مقدمة وداع المسافرين إلي القاهرة "ما تنساش تقرأ الفاتحة لأم هاشم أو للحسين". وليس ثمة عروس تدخل دار زوجها قبل مرور موكبها علي ضريح الحسين وقراءة الفاتحة له وما من ميت يموت إلا ويصلي عليه في الحسين مهما بعدت الشقة ومهما أصاب المشيعين من تعب. والواقع ان النظرة إلي ظاهرة ارسال الرسائل وتقديم النذور إلي ضرائح الأولياء يجب أن تتم في ضوء معاناة أصحاب الرسائل والنذور وان الرسائل تعبير عن لجوء أصحابها إلي الأولياء كمحاولة نجاة يائسة من الظروف القاسية التي يحيونها وأن تساعد السلطة القائمة في تثبيتها بدلاً من أن تكون هي أداة الإنصاف والعدل. وقد لجأ البسطاء من المصريين إلي أضرحة الأولياء يبثونها شكاياتهم حين أخفقوا في محاولاتهم أن تنصت الدولة أو الأفراد الممتازين إلي تلك الشكايات. ان السيدة زينب وآل البيت بعامة بضعة من رسول الله انحدروا من صلبه عن فاطمة عبر الأجيال. قلة هم. لكنهم أقرب خلق الله إلي الله. ولم يكن أحد يعرف من هو الشيخ المظفر صاحب الضريح الذي يعترض الطريق ويقف بقبته الجميلة علي ناصية شارعين أحدهما يحمل اسمه الموقر هو المظفر وهذا يكفي للتعريف به وله تحت القبة ضريح عظيم ترتفع فوقه عمامة خضراء كبيرة تستطيع أن تراها خلال نافذة نحاسية منقوشة ومن ورائها حوض من الرخام أعد لوضع الشموع ولم يسأل أحد عن حقيقة هذا الشيخ المدفون في الضريح ولا عن كراماته التي جعلته يفضل البقاء في تلك البقعة معترضا الطريق السالك من شارع محمد علي إلي سبيل أم عباس ثم يتلوي حتي يصل إلي ضريح السيدة نفيسة رضي الله عنها ثم يموت عند المقابر الشيخ المظفر أو المظفر أو سيدي المظفر أراد أن يدفن هنا ولا شأن له بعد ذلك بالطريقة التي يعترضها ويرغم الناس علي الالتفاف حوله حتي يسيروا صاعدين إلي ضريح السيدة نفيسة.