لم تصل ثورة 25 يناير الي بر الصعيد بعد. تحديدا الي محافظة قنا. أكبر محافظات الصعيد الجواني التي تعيش أسيرة نظام قبلي صارم يحكم ويتحكم في كل شيء علي أرضها بطريقة لا فكاك منها. القبيلة تتحكم في شخصية الفرد وعاداته وتقاليده. وتحدد له المسموح والمحظور.. الزواج والطلاق الافراح والاحزان. القبيلة تضع الضوابط والاحكام.. وتسن القانون.. حتي أسواق الخضر والفاكهة والأندية الرياضية ومراكز الشباب تصطبغ بالشكل العشائري. حيث لكل قبيلة اسواقها ومراكزها ومواطن سيطرتها وحدود نفوذها. وقنا تتكون من 7 قبائل رئيسية: العرب والاشراف والهوارة والفلاحين والامارة والعبابدة والبشارية ولكل منها موروثها الخاص ومناطق رئيسية للنفوذ والسيطرة.. حيث الحفاظ علي التركيبة السكانية لكل منطقة علي مدار التاريخ. البعض يري ان هذا النظام نعمة تحكم الايقاع وتضبط التصرفات وتشكل الحدود لحرية الفرد والقبيلة وتحافظ علي عادات وتقاليد عربية أصيلة. والبعض الآخر يري أنها نقمة. كثيرا ماتفرز الأسوأ في الانتخابات النيابية بمستوياتها المختلفة وتؤجج التعصب العرقي بين القبائل وتضخم المشاكل الفردية الي جماعية. في كل الاحوال اجمع ابناء قنا علي ارتباطهم بنظام القبيلة في صورتها المثلي ونبذ العصبية التي تهدف للتعالي علي الآخرين أو تهميش فئات من المجتمع لأي سبب. محمود الضبع- عضو مجلس محلي المحافظة- يري ان القبيلة بصفة عامة لها مميزات فهي تحكم سلوك الفرد والجماعة من خلال عادات وتقاليد عربية اصيلة تحفظ للمجتمع توازنه واستقراره تحت اي ظرف وتضع الضوابط والاحكام لحل المشكلات الفردية والقبلية حتي ان بعض المشاكل مثل الثأر لا يمكن حلها الا من خلال المجالس العرفية التي تجمع كبار العائلات ورجال الدين ولا يمكن حلها عن طريق القانون او المحاكم وهو نفس ما يحدث في المواريث والحدود بين الأراضي ومشكلات الزواج والطلاق بأعرافها وتقاليدها التي تختلف بين القبائل. اما العيب الرئيسي للقبلية فهي العصبية القبلية التي تظهر في ابشع صورها في الانتخابات النيابية حيث يلعب المرشحون عديمو الخبرة والكفاءة والثقافة علي وتر العصبية لانها مصدر قوته الوحيد. يقول سعد ابراهيم وكيل مجلس محلي المحافظة بعد ثورة 25 يناير يجب تغيير كل الافكار والموروثات للابقاء علي الجوانب الايجابية فقط مثلما حدث اثناء الغياب الامني حينما تكاتفت القبائل وتعاونت وشكلت دروعا ضد البلطجة واللصوص وقطاع الطرق فلم يشعر المواطن بأي انفلات أمني حتي اليوم وهذا مايجب ان ينعكس علي اختيار المرشحين للانتخابات القادمة بحيث تكون شخصيات لها قبول شعبي عام ومستوي عال من الثقافة والخبرة حتي تمكنها خدمة جميع أبناء المحافظة التي عانت كثيرا من الاهمال مع عدم استبعاد دور القبائل وتوافقها علي الاختيار الصحيح للمصلحة العامة. يضيف محمد حسن العجل عضو مجلس محلي المحافظة العصبية نرفضها اما القبلية بمعناها الحقيقي فكلها خير اذا ابتعدنا عن التعصب الاعمي للقبيلة واعتبارها الاقوي والاعلي شأنا مع محاولة تهميش قبيلة اخري وتصغيرها لابعادها عن أداء دورها. اضاف من أجل هذا أنشأنا مع مجموعة من المثقفين وكبار العائلات والقيادات الشعبية ائتلاف "قبائل واقباط قنا" بهدف توحد الجميع من أجل خدمة المحافظة دون تمييز قبلي او ديني او مكاني ومنع حدوث مشكلات قبلية ووضع اليات لانهائها سريعا قبل تفاقمها. ويري مجدي الشيخ عضو مجلس محلي المحافظة لا يمكن التخلي عن القبلية في قنا فهي موروث ثقافي يعبر عن اصالة المجتمع وتراثه ولكن دون تعصب أو تعال من قبيلة علي الاخري. يشير أحمد الجبلاوي عضو مجلس الشعب السابق الي ان القبلية تأثيرها ايجابي لو استغلت للصالح العام في اي مجال واختفاء الانتماء القبلي في الانتخابات مسألة صعبة وشائكة ويصعب التخلص منها ولذلك علي كل قبيلة ان تختار الاكفأ ذوي الخبرة حتي لو كانوا أكثر من شخص.. ويكون الفيصل الناخب الذي تقع عليه مسئولية اختيار الاصلع والافضل سواء من أبناء قبيلته او خارجها وحينها ستعم الفائدة علي جميع أبناء المحافظة. ويؤكد المحاسب حسنين محمود شحات موظف بالضرائب العامة ان القبلية تقسم قنا في كل شيء سواء في الاسواق مثل الموجودة في مدينة قنا حيث يوجد سوق الخضروات والفواكة وتسيطر عليه قبيلة وسوق اخر لقبيلة ثانية كما انه يوجد مراكز شباب واندية كل مجال اداراتها منذ انشائها من قبائل معينة كما ان المناطق السكنية مقسمة فكل قبيلة لها منطقة نفوذ. ويقول حمادة الجبلاوي عضو مجلس محلي المحافظة لادراك مميزات القبلية علينا ان ننظر الي العلاقات المتشعبة بين ابناء القبائل في التجارة والزراعة والاعمال الحرفية التي تحكمها العادات والتقاليد الاصلية الموروثة.. ونادرا ما تحدث مشكلة وان حدث فالحل يأتي سريعا مشيرا الي ان العصبية بصورتها السيئة لا تظهر الا في الانتخابات حيث يعتمد البعض عليها لكسب اصوات القبيلة.