هناك العديد من مؤسسات وزارة الثقافة تولي عملية النشر أهمية قصوي. تأتي علي رأسها بالطبع هيئة الكتاب التي تعد أكبر دار نشر في المنطقة. تليها هيئة قصور الثقافة التي تصدر حوالي 23 سلسلة فضلاً عن المجالات والجرائد. وهناك كذلك المجلس الأعلي للثقافة. والمركز القومي للترجمة. الغريب في الأمر أن إصدارات هذه المؤسسات جيدة في أغلبها وتطرح بأسعار ربما أقل من تكلفتها خاصة مطبوعات قصور الثقافة باعتبارها هيئة خدمية غير هادفة للربح. لكن رغم ذلك فإن نسب التوزيع في أغلب هذه الإصدارات ضعيفة ولا تتناسب مع قيمتها الفكرية والمادية. ربما تكون هيئة الكتاب بفروعها ومعارضها الداخلية والخارجية قادرة علي ترويج مطبوعاتها بشكل معقول. أما قصور الثقافة فمازالت حتي الآن تحاول ولكن دون جدوي واضحة. ولن أحدثك عن مطبوعات المجلس الأعلي للثقافة والمركز القومي للترجمة التي تذهب من المطابع إلي المخازن مباشرة. السؤال الذي يطرح نفسه فيما يخص مطبوعات هيئة قصور الثقافة: إذا كانت المطبوعات جيدة ورخيصة السعر فلماذا لا تحقق نسب توزيع جيدة؟ هناك أكثر من سبب: أولاً رخص أسعار هذه المطبوعات لا يجعل الباعة مهتمين بعرضها بشكل جيد لأن العائد من ورائها قليل. وبالتالي يهتمون أكثر بعرض كتب الطبخ أو التنمية البشرية التي تباع بأسعار مرتفعة وتحقق مبيعات جيدة. ثانياً فإن كل دار نشر خاصة تصدر عملاً تروج له إعلامياً بشكل جيد وتعقد حفلات لتوقيعه وندوات لمناقشته مما يؤدي إلي انتشار هذه الأعمال وتحقيقها نسبة مبيعات كبيرة.. في حين أن الهيئة لا تهتم بهذا الأمر وتصدر الكتاب وتتركه لنصيبه. غياب التسويق ثالثاً في كل دار نشر إدارة أو مسئول للتسويق. مهمته الترويج لمطبوعات الدار ومراقبة التوزيع وتحفيز الباعة علي عرض الكتاب بشكل جيد. ولدي الهيئة إدارة تسويق لا تفعل شيئاً. وأظن أن أحداً من العاملين بها لم يدرس التسويق ولم يقرأ عنه حتي. هناك مجهودات يبذلها رئيس الهيئة الشاعر سعد عبدالرحمن. وأمين عام النشر الشاعر محمد أبوالمجد لتنشيط التوزيع. ومنها فتح منافذ بقصور وبيوت الثقافة وكذلك في الجامعات لكنها حتي الآن لم تحقق الغرض منها حيث إن القائمين عليها موظفون يؤدون عملهم بشكل روتيني ولا يشغلهم أمر التوزيع من عدمه. الحل الذي طرحه العديد من الأدباء والمهتمين ورؤساء تحرير السلاسل التي تصدرها الهيئة ومنهم سيد الوكيل ود. هيثم الحاج علي. ود. أيمن تعيلب. وعبده الزراع. ود. سميح شعلان. وأحمد سويلم. وأحمد عنتر مصطفي. ود. محمود الضبع. ود. وليد سيف. وسمير درويش. يتمثل في عدة أمور أهمها عدم الاكتفاء بإصدار الكتاب حيث يجب لفت الأنظار إليه عن طريق عمل ندوة لمناقشته. أو حفل توقيع. والتواصل مع الإعلاميين المهتمين للعمل علي ترويج الكتاب باعتباره خدمة ثقافية غير هادفة للربح. أيضاً تطوير إدارة التسويق وتدريب العاملين بها حتي يكونوا أكثر إيجابية لأن هذه الإدارة بلا أي إنجاز ملموس حتي الآن. وكذلك التوسع في منافذ توزيع خاصة بالهيئة ومخاطبة المحافظين لإقامة أكشاك بالميادين العامة. ومخاطبة السكة الحديد لإقامة أكشاك في محطات القطارات. وتحفيز العاملين بالهيئة الذين سيتولون إدارة هذه الأكشاك. من الأمور التي تستحق التوقف هي رفض محافظ القاهرة د. جلال السعيد تخصيص مساحة أسفل كوبري أكتوبر في مواجهة ميدان عبدالمنعم رياض لتكون منفذاً لبيع إصدارات الهيئة. حيث تعامل المحافظ مع الهيئة باعتبارها دار نشر خاصة وطلب مبلغاً ضخماً لمنحها هذه المساحة. ألا يعلم هذا المحافظ أن هيئة قصور الثقافة إحدي مؤسسات الدولة التي تقدم خدماتها بالمجان. ألا يعلم أن الكتاب الذي تطرحه بجنيهين تتكلف طباعته ليس أقل من خمسة جنيهات. ألا يعلم هذا المحافظ أن تخصيصه هذه المساحة لقصور الثقافة إسهام منه في نشر الوعي الثقافي بين المواطنين.. ألا يعلم أن هذه المساحة المطلوبة ليست أكثر من مكان أسفل الكوبري يقضي فيه أطفال الشوارع والمتسولون حاجتهم.. لماذا لا يحافظ المحافظ علي البيئة.. لماذا يعادي الثقافة؟!!