نفي د.محمد الشحات.. أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن يكون هناك اضطهاد للأقباط في مصر وقال: بعض الجاليات المسيحية في الخارج تروج لذلك ويتم استقطابها من جماعات الضغط في الولاياتالمتحدة وأوروبا وإسرائيل لتفتيت الوطن مشددا علي أنه لا يوجد قانون يمنع الأقباط من تولي المناصب التنفيذية العليا.. ولكن سوء التقدير من جانب البعض هو الذي يؤديش إلي ذلك مطالبا بأن يراعي ذلك مستقبلا وفقا لاعتبارات الجدارة وعدد السكان. قال إن منظمات المجتمع المدني فشلت في التقريب بين عنصري الأمة لأنها قامت علي أساس طائفي ولا تؤدي خدمات حقيقية للمواطنين طبقا لاحتياجاتهم ولكن وفقا لمعتقداتهم. * ما هي رؤيتك للظروف الخطيرة التي تمر بها مصر حاليا والتي تجعلنا نعيش حالة من الفتنة أو التوتر الطائفي؟ ** هذا الملف أصبح مؤرقا لكل من يعيش علي أرض الوطن فمسيرة المجتمع المصري عبر قرون وأجيال طويلة كانت تتسم بالتعايش الودي بين نسيج الأمة بعنصريها المسلم والمسيحي.. وكان حتي التفكير في وقوع فتنة أو توتر طائفي غير موجود لكن في الآونة الأخيرة وخاصة ال40 عاما الماضية بدأ يطفو هذا الملف علي السطح بشدة ولأول مرة بدأنا نشعر أن هناك ثقافة مغلوطة بدأت تصبغ سلوكياتنا وحياتنا بالكامل وأعني بها التفرقة بين أبناء الأمة الوحدة سواء في المدارس أو المرافق العامة وحتي في الشارع أصبح كل طرف ينظر إلي الطرف الآخر بريبة وشك وليس بحب ومودة رغم أن الجميع مصريون وأن مسألة دين الشخص مسألة خاصة بين العبد وربه أما العلاقات الاجتماعية فهي شيء آخر باختصار أصبحنا نعاني من اهتزاز في المنظومة المجتمعية المصرية التي تضم المسلم والمسيحي. * وما هي الأسباب من وجهة نظرك التي وضعتنا في هذا المأزق الخطير الذي من المؤكد أن الجميع سيدفع ثمنه في النهاية؟ ** لا نستطيع أن نلقي بالمسئولية علي سبب معين بل هنا أسباب عدة تشترك في ما وصلنا إليه يأتي علي رأسها النظم التعليمية فالتعليم لدينا لم يغرس في نفوس النشء أننا شركاء في هذا الوطن.. صحيح أن منا المسلمين ومنا المسيحيين ولكننا في النهاية بيننا مصالح مشتركة وأنه كما من حق المسلم أن يعيش ويحصل علي ضرورياته المعيشية نفس الحق للمسيحي يجب أن يحصل عليه فلم ينجح التعليم لدينا في أن يجعل الأطفال وهم يجلسون معا يشعرون أنهم مواطنون مصريون في المقام الأول وأن الدين والعبادات مجالها دور العبادة والمنزل.. كذلك المؤسسة الدينية في كلا الطرفين لم تستوعب جيدا أن هناك ثقافة جديدة تغزو المجتمع وتقسمه إلي كيانين منفصلين كل كيان يحاول أن يتقوقع داخل ذاته فالكنيسة والأزهر اكتفيا بتوجيه الخطاب الديني إلي المجموعة التي تخصه وفي نفس الوقت لم تخصه علي أن يتفاعل مع الآخر وتوضح أننا جميعا شركاء في هذا الوطن.. إضافة إلي المؤسسة الإعلامية وأقصد هنا تحديدا القنوات الفضائية سواء المسيحية أو الإسلامية التي تعاملت مع هذا الملف بضيق أفق شديد واستغلت أن 40% من الشعب أمي وحاولت غرس مفاهيم فيه لا تمت للإسلام أو المسيحية بصلة.. وعامل آخر لا يمكن إنكاره وهي منظمات المجتمع المدني التي من المفترض أن تلعب دورا في تقريب وجهات النظر ولكنها أبعدت عن ذلك تماما من خلال قيامها علي أساس طائفي فهذه جماعة للشبان المسلمين وأخري للشباب المسيحيين وأصبحت تساعد الناس ليس طبقا لاحتياجاتهم الفعلية ولكن طبقا لتصنيفهم الديني.. والعامل الأخير التعامل مع قضية الفتنة الطائفية من منظور أمني فقط وهو ما زادها توترا واحتقانا بل أدي إلي زيادة التوتر والغلو في الدين من الجانبين. * وهل نستطيع أن نستبعد وجود عوامل خارجية لعبت دورها في تزكية روح الفتنة في المجتمع؟ ** بكل تأكيد هم عنصر فاعل في هذه القضية وأقصد هنا تحديدا بعض الجاليات المصرية المسيحية الموجودة في الخارج وللأسف جانب كبير منهم تم استقطابه من جهات خارجية ويروجون بأن المسيحيين في مصر مضطهدون ويعاون الظلم وساعدهم في الترويج لذلك الغرب وإسرائيل تحديدا حيث يهم هؤلاء اللعب علي أوتار الفتنة الطائفية في مصر حتي تظل تشغلنا هذه القضية دائما عن قضايا التنمية وعلي الجانب الآخر لا نستطيع أن نعفي بعض المصريين المسلمين الذين ذهبوا للعمل في دول الخليج حيث شبوا علي ثقافة بعيدة عن الوسطية التي يتصف بها الإسلام وأصبح لديهم أحكام غير سليمة وغير منطقية علي الجانب المسيحي. * في هذه الظروف نحن في حاجة إلي المكاشفة والصراحة فهل تعتقد حقيقة أن الأقباط مضطهدون في مصر؟ *. استطيع أن أجزم وأنا صدق وعلي قناة تامة أن المسيحيين في مصر غير مضطهدين ولا يجوز أن يروج لهذه الفكرة اعتمادا علي أنهم غير موجودين في بعض المواقع الهامة فهذا لا يعني أبدا أي نوع من الاضطهاد بل سوء تقدير من جانب البعض وهو ما يدعونا في هذا المجال أن نعترف أن هناك بالفعل حاجة ملحة ومصلحة ينبغي أن نضعها في الاعتبار وهي إعطاء مزيد من المشاركة للاخوة الأقباط في المواقع الهامة دون الإخلال باعتبارات الجدارة والاستحقاق فهم للأمانة غير موجودين في بعض الأماكن ولكن ليس اضطهادا كما قلت فغالبية المسلمين لا يجدون غاضة أن يكون هناك عمدة مسيحي أو محافظ أو وزير أو حتي الوظائف القيادية في الجيش والشرطة أكثر مما هو حادث الآن فهذا التخوف ليس له محل فإسلاميا لا يوجد إقصاء للآخر ويجوز شرعا أن يتولي أهل الذمة من الأقباط واليهود الوزارات التنفيذية كما قال المواردي في كتابه الأحكام السلطانية حيث أجاز هذا لغير المسلم. * هل تري أن زيادة المشاركة تكون من خلال كوتة معينة؟ ** لا أحبذ فكرة الكوتة ولكن من الممكن أن يتم الأمر في إطار الملائمة والتوزيع العادل والجدارة ونسبتهم إلي السكان بحيث يجدون أنفسهم في المواقع الهامة التي تعد مصدرا لاتخاذ وإصدار القرارات وليس مجرد منفذين فلا ينبغي إقصاؤهم لأن هذا ليس شرعيا أو قانونيا ولا يحقق مصلحة وكذلك للاعتبارات المجتمعية فمصر خليط من المسلمين والمسيحيين دون تفرقة أو إقصاء لطرف علي حساب الآخر. * هناك اتهام يوجه إلي القيادات الدينية من الطرفين فحواه أنها فشلت في مهمتها بدليل الأحداث والحوادث الساخنة التي تعيشها مصر فمنذ فترة ولذلك يجب استبعادهم فما رأيك؟ ** مسألة الهدم المطلق أو التغيير الشامل الكامل لا تحقق المصلحة ولا تحل المشكلة وأنا هنا لا أدافع عن هذه القيادات ولكن بأمانة شديدة هذه القيادات كانت مكبلة من جانب النظام السابق حيث كانت توجه المؤسسات الدينية نحو سلوك معين ولم يمنحنا الحرية للانطلاق بمشروعاتها لبناء الإنسان وشخصيته وتقديم دعاة ووعاظ من الطرفين قادرين علي التطور فالنظام السابق كان يدفع هذه المؤسسات إلي العمل في إطار الخطاب الديني التقليدي القديم وغير مهتم بأن يقدم الخطاب المتطور الذي يحقق للإنسان أن يكون متفاعلا في مجتمعه مواكبا لعصره. * وهل تعتقد أن ظهور جماعات دينية من كلا الطرفين ساهم في زيادة حدة الفتنة الطائفية؟ ** لا نستطيع أن ننكر ذلك فظهور أطياف هذه الجماعات والتيارات داخل الدين الواحد سواء الإسلامي أو المسيحي في غير صالح الوحدة الوطنية حيث إن هذه الجماعات تنطلق من منطلق طائفي وتعامل الآخر علي أنه خطأ علي طول الخط وأرجو ألا يفهم من حديثي أنني ضد الاختلاف فأنا معه ولكن كوسيلة لإصراء الحوار بحيث يكون اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد لكي نثبت أن الآخر علي خطأ علي هذه الجماعات إذا أرادت أن تعدل من مسارها ألا تعتمد علي الطابع الطائفي وأن تسعي إلي تقديم الحلول للمشاكل التي تعاني منها وتقدم اجتهادا حضاريا للدين وتسعي للالتقاء علي المصالح والقواسم المشتركة لجميع المصريين وهنا يحضرني مثال لإحدي الجماعات المسيحية التي تتحدث عن إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تقول إن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع فهذه المادة إذا فهمت الفهم الصحيح فهي في صالح الاخوة الأقباط حيث إن الإسلام يأمرنا أن نتركهم وما يدينون به وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية هذا من الناحية العقائدية.. كذلك من الناحية المعيشية لهم مالنا وعليهم ما علينا علي اعتبار أن كل حق يقابله واجب ولكن للأسف تأتي بعض الجماعات لتزرع الفتنة الطائفة والنعرات العرقية. * وما رأيك في اعتمادنا لفترات طويلة علي أسلوب الجلسات العرفية والمصالحة أمام شاشات التليفزيون عقب الحوادث الطائفية؟ ** هذا الأسلوب فشل فشلا ذريعا بدليل استمرار حوادث الفتنة الطائفية وهو للأسف كان يحدث بناء علي توجيهات من النظام السابق الذي كان يعتمد علي المظهر ودون التطرق إلي الأسباب الحقيقية لإثارة مثل هذه النعرات الطائفية بدليل أن لدينا الكثير من المسائل والمشاكل المعلقة كبناء الكنائس فلماذا لا تحل هذه المشكلة ويسمح بالبناء علي أسس موضوعية تراعي العدالة والكثافة السكانية في المنطقة المطلوب فيها بناء الكنيسة وسرعة إصدار القانون الموحد لدور العبادة. * دعا شيخ الأزهر د.أحمد الطيب إلي إقامة ما يعرف ببيت العائلة فهل تعتقد أن هذا الأسلوب يمكن أن يساهم في إيجاد حل لمشكلة الفتنة الطائفية؟ ** بيت العائلة فكرة جيدة وينبغي أن يكفل لها كل عوامل النجاح وحتي يتحقق ذلك يجب أن يتبع في عمله الأسلوب الوقائي وليس رد الفعل بمعني أن يتخذ خطوات حقيقية لتحقيق السماحة وعلاقات الأخوة التي حملها المصريون علي مدي قرون وأجيال وهذا يقتضي أن يمثل فيه كل المذاهب غير الإسلامية كالكاثوليك والإنجيليين وطبقا لعددهم وأن يكون ممثليهم من الأشخاص المؤثرين في الكنيسة حتي يستطيعوا اتخاذ قرارات لحل المشاكل العالقة بين المسلمين والمسيحيين وفي نفس الوقت يجب أن يعتمدوا علي الزيارات الميدانية لتقصي الحقائق علي أرض الواقع وليس مجرد كتابة تقارير وتوصيات واعتقد أنهم بدوا بالفعل هذه الخطوة ففور وقوع الأحداث الأخيرة عقدوا اجتماعا طارئا وذهبت لجنة لتقصي الحقائق في إمبابة. * وهل مثل هذا الأسلوب فقط يفيد في مواجهة المشكلة التي يعاني منها المجتمع؟ ** بالتأكيد هو جزء من الحل وليس كل فالحل الشافي لاستئصال هذه المشكلة من جذورها يحتاج إلي تحرك علي المستوي العاجل وآخر علي المدي الطويل.. ففيما يخص المدي العاجل لابد من تطبيق القانون واحترام الأحكام القضائية دون مجاملة لأي شخص سواء من المسلمين أو المسيحيين مهما كان موقعه لأن النار تحت الرماد ويمكن أن تشتعل في أي لحظة ولا سبيل لإخمادها تماما سوي العدالة الناجزة في مواجهة كل من يثبت إدانته أيا كانت هذه الإدانة سواء بالاتفاق أو التحريض أو التدبير أو المساعدة أو التنفيذ واحذر في هذا المجال من العدالة البطيئة فهي الظلم بعينه ولابد من أن يكون تطبيق العقاب حاسماً علي هؤلاء الذين يسيئون لمصر وللإسلام والمسيحية وخاصة بالاعتداء علي دور العبادة التي لها قدسية في كل الأديان ولا مانع من تشديد العقوبة علي من يهاجم دور العبادة إلي عقوبة الإعدام لأن هذا الفعل يمثل إفسادا في الأرض.