أعتذر لأنني مضطر أن استخدم لغة غير لائقة علي عكس ما تعودت في بداية هذا المقال وأقول: "الله يخرب بيت الفلوس اللي خلت الناس تتجنن"!! إن الله سبحانه عندما يهب فرداً أو جماعة أو دولة ثروة طائلة فلابد أن يدرك كل منهم الحكمة من هذه النعمة. ويوزع هذه الثروة في مصارفها الشرعية والقانونية التي ترضي الله أولا. ثم تعود علي صاحبها وعلي المجتمع بالصلاح والاصلاح والخير. والشرع والقانون أقرا مبدأ الحجر علي الإنسان السفيه الذي لا يحسن التصرف في أمواله وينفقها فيما لاطائل فيه .. وكنا نود أن يطبق هذا القانون علي الجماعات والدول التي تتصرف بسفاهة فيما حباها الله من ثروة وأقصد هنا جماعة الإخوان ودولة قطر الشقيقة. لا أعرف علي وجه اليقين مصادر ثروة جماعة الإخوان.. لكني أعرف أنهم بارعون في التجارة ويحققون أرباحاً طائلة يخصص جزء منها لتمويل أنشطة الجماعة بالإضافة إلي المدد والعون الذي يأتيهم من بعض الدول العربية "قطر" وغير العربية "تركياوأمريكا" ومن التنظيم الدولي الذي يتبعه إخوان مصر. أما قطر الشقيقة فمعروف أنها دويلة في حجم حي من أحياء القاهرة واعتقد أن عدد سكانها أقل من مليون نسمة. وقد حباها الله ثروة بترولية وغازية هائلة وعظيمة تدر عليها مليارات الدولارات الأمر الذي أفقدها توازنها النفسي والاجتماعي والسياسي فتخيلت نفسها المارد العظيم الذي يطاول الدول العظمي. وغذي فيها هذه النفخة الكدابة أصدقاء السوء تركيا وإسرائيل وأمريكا وربما إيران. وبدأت الدولة "القزم" تتصرف كعميل يخدم أهداف الطامعين في المنطقة الذين أوهموها أنها الحليف الذي يجب أن يتقدم الصفوف ليكون رأس الحربة في هدم نظم الحكم القائمة في المنطقة. وفي مقدمتها دول الخليج ثم بقية الدول العربية الأخري القريبة.. سوريا - لبنان.. مصر.. ليبيا ربما الجزائر.. ومع وجود نظم ممالئة في السودان وتونس تكتمل الحلقة وترسم خريطة جديدة للمنطقة طبقا لأهواء الطامعين الذين يبغون السيطرة والاحكام. الوسيلة الفعالة التي رأتها أمريكا تحقق هذا المخطط هي تمكين التيارالإسلامي المتمثل في الإخوان ومن خلاله يمكن أن يغير نظام الحكم في مصر ومنها يمتد إلي دول الخليج السعودية والكويت والإمارات والبحرين التي تعاني من المد الشيعي بتشجيع من قطر أيضا. فإذا كان دور أمريكا التخطيط وبعض التمويل ودور إسرائيل اللعب عن طريق المخابرات . ودور تركيا التشجيع والتأييد وبعض التمويل.. فما هو دور قطر؟! لاشك أن دورها ينحصر في أنها "البقرة الحلوب" التي تملك هذه الثروة الهائلة والتي لا تجد لها مصارف إلا مصارف الشر. فليستغلها المدبرون والمخططون لتحقيق أهدافهم معتمدين علي "عقدة النقص" التي تسيطر علي حكامها بأنه يمكنهم أن يتحولوا من أقزام إلي عمالقة. لقد أحست دول الخليج العربي "السعودية والإمارات والبحرين" بالدور القذر الذي تقوم به قطر في هدم كياناتها ونظمها ورغم تنبيهها أكثر من مرة وتحذيرها في اجتماعين بالسعودية والكويت ومطالباتها بالكف عن القيام بهذا الدور الذي يمس مصالح الأشقاء مباشرة وفي الصميم إلا أنها لم ترتدع ولم تتراجع وظلت ماضية في غيها الأمر الذي جعل الدول الثلاث تتخذ اجراء إيجابيا وموقفا حاسما منها وقررت سحب سفرائها من الدوحة احتجاجا وغضبا من تصرفات حكامها. لعل هذه تكون نقطة البداية تجعل عقول حكام قطر تستفيق وتعيد حساباتها وتدرك أنها مهما حلقت بعيداً عن السرب فمآلهما الوقوع والهلاك. وقد حاولت قطر الدفاع عن نفسها فأصدرت بيانا أبدت فيه استغرابها من قرار الدول الخليجية الثلاث. وقالت فيه إن هذا الإجراء لا علاقة له بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها. بل بسبب اختلاف في المواقف حول قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون الخليجي. ولعل قطر تشير بذلك إلي عدم رضا الدول الثلاث عن الدور الذي تلعبه الدوحة في زعزعة الأمن في مصر عن طريق دعمها ماديا ومعنويا للعمليات الإرهابية التي ترتكبها جماعة الإخوان فيها. وإذا كان هذا هو مفهوم قطر فإنه مفهوم قاصر ومنتظر من أصحاب تفكير سطحي لايدركون أن أمن مصر مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج.. وأن الإرهاب إذا نجح في مصر - لاقدر الله- لن يقف عند حدودها. بل سيطول هذه الدول بشراسة ويومها لن تكون قطر معصومة من شروره. ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه!