سألت الزميلة ماجدة واصف المشرفة علي اختيار الأفلام العربية في مهرجان كان وأيضاً عضو المكتب الفني لمهرجان القاهرة السينمائي. عن أسباب اختيار فيلم "البوسطجي" تحديداً الذي تدور أحداث قبل ثورة 1952 بينما كان من الممكن اختيار أفلام أكثر ملاءمة للمناسبة مثل فيلم "سواق الأتوبيس" و"البريء" وأفلام أخري عكست مظاهر الفساد الاجتماعي والسياسي في الثلاثين سنة الماضية.. قالت : إداره المهرجان كانت تشرط اختيار فيلم "كلاسيكي" يعود إلي مرحلة زمنية بعيدة نسبياً يجسد مستواه الفني عراقة السينما المصرية وشرعية مجهولة من الشعب المصري في نفس الوقت. وتنطبق عليه مواصفات الفيلم الكلاسيكي فالفيلم ممتاز ويجمع بين السينما والأدب. ومخرجه يعد من المخرجين المرموقين في تاريخ السينما. بالإضافة إلي مؤلف العمل الأدبي الذي اعتمد عليه وهو قصة يحيي حقي "دماء وطين" ثم حوار موسي صبري. والفيلم من انتاج القطاع العام سنة 1968 وهذا العمل مضمونه يعد بشكل غير بعيد عن المناسبة تكريم مصر حيث يصور الأوضاع التي كانت سائدة في احدي القري النائية في الصعيد والتي لم تتغير كثيراً الآن أوضاع تحتاج إلي ثورة فعلاً ويعالج موضوعا كان وربما لايزال محرما وهو موضوع العلاقات العاطفية بين المرأة والرجل في الصعيد الجواني ويرسم في نفس الوقت حال الموظف الحكومي البائس الذي يدفعه الخوف من التقاليد ومن ردود الأفعال الباطشة للأسرة الصعيدية لو أنه كشف عن خطئه الذي تسبب في قتل الفتاة. فالصورة الصادقة للمشهد العام للقرية كمكان بعيد عن العاصمة وكأناس تحكمهم التقاليد والمفاهيم الصارمة العتيقة ازاء وضعية "الأنثي" في مجتمع ذكوري لا يساوم علي معتقداته ومفاهيمه عن الصواب والخطأ.. أيضا هناك الصورة الصادقة والصارمة التي جسدها "البوسطجي" الذي ينتقل للعمل في القرية فيطحنه الفراغ والملل فيقرر قتلهما "الفراغ والملل" بفتح الخطابات وقراءتها الفيلم بالأبيض والأسود.. وبطولة شكري سرحان وزيزي مصطفي وصلاح منصور أي أنه ينتمي إلي مرحلة سينمائية قديمة وإن ظلت باقية.